فيه ، عكرمة : وما جمع فيه منّ دوابه وعقاربه وحيّاته وظلمته ، ضحاك ومقاتل : وما ساق من ظلمه فإذا كان الليل ذهب كل شيء إلى مأواه ، وقال الأستاذ أبو القاسم بن حبيب : شيبه أن يكون على هذا القول من المقلوب ، لأن أصل ساق يسوق ، عثمان : حمل من الظلمة ، أبو حيان : أقبل من ظلمة أو كوكب ، سعيد بن جبير : وما عمل فيه ، وروى ابن أبي مليكة وابن جبير عن ابن عباس : وما جمع قال : ألم تسمع قول الشاعر :
أن لنا قلائصا (١) حقائقا |
|
مستوسقات لو يجدن سائقا (٢) |
(الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) أي أجتمع واستوى وتمّ نوره ، قتادة : إذا استدار وقيل : سار ، مرّة الهمداني : أرتفع وهو في الأيام البيض ، ويقال : اتسق الشيء إذا تتابع ، واستوسق من الإبل إذا اجتمعت وانضمت وهو أفتعل من الوسق.
(لَتَرْكَبُنَ) قرأ أهل مكة والكوفة إلّا عاصما بفتح التاء ، وهي قراءة عمر بن الخطاب وابن مسعود وأصحابه وابن عباس وأبي العالية ، وقالوا : يعني لتركبن يا محمد سماء بعد سماء ودرجة بعد درجة ورتبة بعد رتبة ، وقيل : أراد به السماء تتغير لون بعد لون فتصير تارة (كَالدِّهانِ) وتارة (كَالْمُهْلِ) وتشقق (بِالْغَمامِ) مرّة ويطوي (٣) أخرى (٤) ، وقرأ الآخرون بضمّة وأختاره أبو عبيد قال :لأنّ المعنى بالناس أشبه منه بالنبي صلىاللهعليهوسلم إنّما ذكر قبل الآية من يؤتى منهم كتابة بيمينه وشماله ثم قال : بعدّها (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وذكر ركوبهم طبقا بعد طبق بينهما.
واختلف المفسرون في معنى الآية فقال أكثرهم : حالا بعد حال وأمرا بعد أمر في مواقف القيامة عن محمد بن مروان عن الكلبي ، حيان عنه : مرّة يعرفون ومرة يجهلون ، مقاتل : يعني الموت ثم الحياة ثم الموت ثم الحياة ، عطا : مرّة فقرأ ومرة غنى ، عمرو بن دينار عن ابن عباس : الشدائد والأهوال الموت ثم البعث ثم العرض ، والعرب تقول لمن وقع في أمر شديد : وقع في بنات طبق وفي أخرى بنات طبق ، أبو عبيدة : لتركبن سنن من كان قبلكم وأحوالكم ، عكرمة : حالا بعد حال ، رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ ، قالت الحكماء : يشتمل الإنسان من كونه نطفة الى أن يهرم ويموت على سبعة وثلاثين حالا من سبعة وثلاثين اسما : نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم خلقا آخر ثم جنينا ثم وليدا ثم رضيعا ثم فطيما ثم يافعا ثم ناشئا ثم مترعرعا ثم حزورا (٥) ثم مراهقا ثم محتلما ثم بالغا ثم أمرد ثم طاردا ثم طارا ثم باقلا ثم مسيطرا ثم مطرخما ثم مختطا ثم صملا ثم ملتحيا ثم مستويا ثم مصعدا ثم مجتمعا ـ والشاب
__________________
(١) في لسان العرب : إبلا نقانقا.
(٢) تفسير جامع البيان للطبري : ٣٠ / ١٥٠ ، وتفسير القرطبي : ١٩ / ٢٧٧ ، ولسان العرب : ١٠ / ٣٨٠.
(٣) في الطبري : وتحمر.
(٤) راجع تفسير الطبري : ٣٠ / ١٥٥.
(٥) هو الغلام إذا اشتد وقوي وخدم ، راجع لسان العرب : ٤ / ١٨٧.