يجمع ذلك كلّه ثم ملهوزا ثم كهلا ثم أشمط ثم شيخا ثم أشيب ثم حوقلا ثم صفتانا ثم هرما ثم ميتا ، فهذا معنى قوله سبحانه وتعالى : (لَتَرْكَبُنَ).
(طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) والطبق في اللغة الحال ، قال الأقرع بن حابس :
إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره |
|
وساقني طبق منه الى طبق (١) |
فلست أصبو الى خل يفارقني |
|
ولا تقبض أحشائي من الفرق |
وأنشدني أبو القاسم عبد الله بن محمد البابي قال : أنشدني أبو سعيد عثمان بن جعفر بن نصره الموصلي قال : أنشدنا أبو يعلي أحمد بن علي المثنى :
الصبر أجمل (٢) والدنيا مفجعة |
|
من ذا الذي لم يذق من عيشه رنقا |
إذا صفا لك من مسرورها طبق |
|
أهدى لك الدهر من مكروهها طبقا (٣) |
وقال مكحول في هذه الآية : في كل عشرين عاما يحدثون أمرا لم يكونوا عليه ، وهذا أدلّ دليل على حدث العالم وإثبات الصانع ، قالت الحكماء : من كان اليوم على حالة وغدا أخرى فليعلم أن يدبيره الى سواه ، وقيل لأبي بكر الوراق : ما الدليل على أنّ لهذا العالم صانع فقال : تحويل الحالات وعجز القوة وضعف الأركان وقهر المنّة وفسخ العزيمة. سمعت أبا القاسم المفسّر يقول : سمعت أبا الفضل أحمد بن محمد بن حمدون النّسوي يقول : سمعت أبا عبد الرحمن الأرزياني يقول : دخل أبو الفم علي بن محمد بن زيد العلوي بطبرستان عائدا فأنشأ يقول :
إني اعتللت ولا كانت بك العلل |
|
وهكذا الدّهر فيه الصاب (٤) والعسل |
إنّ الذي لا تحل الحادثات به |
|
ولا يغير فيه الله لا الرجل |
(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) لا يخضعون ولا يستكينون له ، وقال الكلبي ومقاتل : لا يصلّون.
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن يوسف بقراءتي عليه قال : أخبرنا مكّي قراءة عليه سنة تسع عشر وثلاثمائة قال : حدّثني محمد بن يحيى قال : وفيها قرأ علي بن عبد الله بن نافع المدنيّ وحدّثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن عبد الله بن زيد مولى الأسود بن سفيان عن
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٨٠.
(٢) في المصدر : أحمد.
(٣) الرنق الكدر ، واليتان في مجمع البيان : ١٠ / ٣٠٣.
(٤) الصاب : العلقم وهو شجر مرّ.