فعجب أبو طالب ، فأنزل الله سبحانه وتعالى (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) ، والمعنى : يعني النجم يظهر ليلا ويخفى نهارا ، أو كل ما جاء ليلا فقد طرق.
ومنه حديث نهي النبي صلىاللهعليهوسلم أن يطرق الرجل أهله وقال : «تستعد المغيبة وتمتشط الشعثة» [١٢٦] (١) ، وقالت هند بنت عتبة يوم أحد :
نحن بنات طارق |
|
نمشي على النمارق |
تريد أن أبانا نجم في شرفه وعلوه.
وأنشدنا أبو القاسم المفسّر قال : أنشدني أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن قال :أنشدني أبو عبد الله محمد بن الرومي قال :
يا راقد الليل مسرورا بأوّله |
|
إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا |
لا تفرحن بليل طاب أوّله |
|
فرب آخر ليل أجج النارا (٢) |
(وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ) ثم فسره فقال عزّ من قائل : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) أي المضيء المنير ، يقول العرب : أثقب نارك أي أضئها. مجاهد : المتوهج ، عطا : الثاقب الذي يرمي به الشياطين فيثقبهم : قال ابن زيد : كانت العرب تسمّي الثريا النجم ، وقيل : هو زحل سمي بذلك لارتفاعه ، وتقول العرب للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعا : قد ثقب.
وروى أبو الحوراء عن ابن عباس قال : الطارق : نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم ، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة ، وهو زحل فهو طارق حين ينزل وطارق حين يصعد.
(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ) جواب القسم (لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) قرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر وعاصم وحمزة (لَمَّا) بتشديد الميم ، يعنون ما كل نفس إلّا عليها حافظ ، وهي لغة هذيل يقولون : يسديك الله لما قمت ، يعنون : إلّا قمت ، وقرأ الآخرون : بالتخفيف جعلوا (ما) صلة مجازه : إنّ كل نفس لعليها حافظ.
أخبرنا محمد بن نعيم قال : أخبرنا الحسن بن أيوب قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز قال : حدّثنا أبو عبيد قال : حدّثنا معاذ عن ابن عون قال : قرأت عند ابن سيرين : (إنّ كلّ نفس لما) فأنكره وقال : سبحان الله سبحان الله فتأويل الآية كلّ نفس عليها حافظ من ربّها يحفظ عملها ويحصي عليها ما يكتسب من خير وشر.
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٢٩٨.
(٢) تفسير القرطبي : ٢٠ / ٢ مورد الآية.