وقال عقبة بن عامر : لما نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اجعلوها في ركوعكم» [١٣٢] (١) فلما نزل (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال صلىاللهعليهوسلم : «اجعلوها في سجودكم» [١٣٣] (٢).
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣))
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) يعني قل : سبحان ربّي الأعلى ، وإلى هذا التأويل ذهب جماعة من الصحابة والتابعين ، وقال قوم معناه : نزّه ربّك الأعلى عما يقول فيه الملحدون ويصفه به المبطلون ، وجعلوا الاسم صلة ، ويجوز أن يكون معناه ، نزّه ذات ربّك عما لا يليق به ، لأن الاسم والذات والنفس عبارة عن الوجود والإثبات.
وقال آخرون : نزّه تسمية ربّك وذكرك إياه إن تذكره إلّا وأنت خاشع معظّم ولذكره محترم ، وجعلوا الاسم بمعنى التسمية ، وقال الفراء : سواء قلت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) أو سبح باسم ربّك إذا أردت ذكره وتسبيحه ، وقال ابن عباس : صلّ بأمر ربّك الأعلى.
(الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) فعدل الخلق (وَالَّذِي قَدَّرَ) خفّف عليّ والسلمي والكسائي داله ، وشدّدها الآخرون.
(فَهَدى) : قال مجاهد : هدى الإنسان لسبيل الخير والشر والسعادة والشقاوة وهدى الأنعام لمراتعها ، وقال مقاتل والكلبي : عرّف خلقه كيف يأتي الذكر الأنثى ، وعن عطاء قال : جعل لكل دابة ما يصلحها وهذا حاله ، وقيل : هدى لاكتساب الأرزاق والمعاش ، وقيل : خلق المنافع في الأشياء وهدى الإنسان لوجه استخراجها منه ، وقيل : هدى لدينه من يشاء من خلقه.
قال السدي : قدر الولد في الرحم تسعة أشهر ، أقل ، أو أكثر ، وهدى للخروج من الرحم.
وقال الواسطي : قدّر السعادة والشقاوة عليهم ثم يسّر لكل واحد من الطالعين سلوك ما قدّر عليه ، وقيل : قدّر الأرزاق فهداهم لطلبها ، وقيل : قدّر الذنوب على عباده ثم هداهم الى التوبة.
(وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) النبات من بين أخضر وأصفر وأحمر وأبيض.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان : ١٠ / ٣٢٦.
(٢) تفسير مجمع البيان : ١٠ / ٣٢٦.