والجهل والبصر والعمى ، (وَالْوَتْرِ) انفراد صفات الله سبحانه عزّ بلا ذلّ ، وقدرة بلا ضعف ، وعلم بلا جهل ، وبصر بلا عمى وحياة بلا موت وما إزاءها.
وقيل : (الشَّفْعِ) مسجد مكّة والمدينة ، (وَالْوَتْرِ) مسجد بيت المقدس ، وقيل : (الشَّفْعِ) القرآن في الحجّ والتمتّع فيه ، (وَالْوَتْرِ) الإفراد فيه ، وقال ابن عطاء (وَالْفَجْرِ) محمّد صلّى الله عليه ؛ لأنّ به تفجّرت أنوار الإيمان وغابت ظلم الكفر.
(وَلَيالٍ عَشْرٍ) ليالي موسى التي أكمل بها ميعاده بقوله تعالى : (وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) (١) ، (وَالشَّفْعِ) : الخلق (وَالْوَتْرِ) : الحقّ ، وقيل : (الشَّفْعِ) الفرائض (وَالْوَتْرِ) السنن ، وقيل : (الشَّفْعِ) الأفعال (وَالْوَتْرِ) النيّة ، وهو الإخلاص ، وقيل : (الشَّفْعِ) العبادة التي تتكرّر ، كالصلاة والصوم والزكاة ، (وَالْوَتْرِ) : العبادة التي لا تتكرّر كالحجّ ، وقيل : (الشَّفْعِ) النفس والروح إذا كانتا معا ، (وَالْوَتْرِ) الروح بلا نفس والنفس بلا روح ، فكأنّ الله سبحانه أقسم بها في حالتي الاجتماع والافتراق (٢).
واختلف القرّاء في (الْوَتْرِ) ، فقرأ يحيى (٣) بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي وخلف : بكسر الواو ، وهو اختيار أبي عبيد ، قال : لأنّها أكثر في العامّة وأفشى ، ومع هذا إنّا تدبّرنا الآثار التي جاء فيها ذكر وتر الصلاة فوجدنا كلّها بهذه اللغة ولم نسمع في شيء منه الوتر بالفتح ، ووجدنا المعنى في الوتر جميعا الذي في الصلاة والذي في السورة ، وإن تفرّقا في الفرع فإنّهما في الأصل واحد إنّما تأويله الفرد الذي هو ضدّ الشفع ، وقرأ الباقون بفتح الواو ، وهي لغة أهل الحجاز واختيار أبي حاتم وهما لغتان مستفيضتان.
(وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) قال أكثر المفسّرين : يعني إذا سار فذهب ، وقال قتادة : إذا جاء وأقبل.
قال مجاهد وعكرمة والكلبي : هي ليلة المزدلفة.
واختلف القرّاء في قوله : (يَسْرِ) فقرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعيسى بالياء في الوصل ، وهي اختيار أبي حاتم ورواية قتيبة ونصير والشرياني عن الكسائي قال أبو عبيد : كان الكسائي فترة يقول : أثبت الياء بالوصل واحذفها في الوقف لمكان الكتاب ، ثمّ رجع إلى حذف الياء في الحالين جميعا ؛ لأنّها رأس آية ، وهي قراءة ابن عامر وعاصم واختيار أبي عبيد اتباعا للخط ، وقرأ ابن كثير ويعقوب الياء في الحالين على الأصل ، قال الخليل بن أحمد : أسقط الياء منه وفاقا لرؤوس الآي.
وقال أكثر أهل المعاني : يعني يسري فيه كقولهم : ليل نائم ونهار صائم وسر كاتم. قال الفراء : يحذف العرب الياء ويكتفي بكسر ما قبلها. أنشدني بعضهم :
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٤٢.
(٢) راجع للأقوال في معنى الشفع والوتر مقدمة فتح الباري : ١٣٦.
(٣) لعله : الجني.