وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن عامر السمرقندي قال : حدّثنا عمر بن يحيى قال : حدّثنا جيغويه قال : حدّثنا صالح بن محمد قال : حدّثنا عبد الحميد المدني عن أبي حازم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ابن آدم إن نازعك لسانك فيما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقين فأطبق ، وإن نازعك بصرك إلى بعض ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقين فأطبق ، وإن نازعك فرجك إلى ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقين فأطبق» [١٥٠] (١).
(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) قال أكثر المفسّرين : يعني بيّنا له طريق الخير والشرّ والحقّ والباطل والهدى والضلالة كقوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (٢).
ودليل هذا التأويل ما أخبرني عبد الله بن حامد ـ إجازة ـ قال : أخبرني أحمد بن يحيى قال : حدّثنا محمّد بن يحيى قال : حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن قرّة بن خالد عن الحسن قال : قال رسول الله صلّى الله عليه : «إنّما هما نجدان نجد الخير ونجد الشرّ ، فما يجعل نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير» [١٥١] (٣).
وأخبرنا محمّد بن عبد الله بن حمدون قال : أخبرنا مكّي قال : حدّثنا عبد الرحمن بن بشر قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : حدّثنا أبي عن عمرو بن أبي بكر القرشي عن محمّد بن كعب عن ابن عبّاس في قوله سبحانه : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) قال : الثديين ، وإليه ذهب سعيد بن المسيب والضحّاك ، والنجد الطريق في ارتفاع. قال الشاعر :
غداة غدوا فسألك بطن نخلة |
|
وآخر منهم جازع نجد كبكب (٤) |
(فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠))
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) يعني فلم يجاوز بهذا الإنسان العقبة فيأمر. قال الفراء أفرد قوله : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) بذكر لا مرّة واحدة ، والعرب لا تكاد تفرد لا مع الفعل الماضي ، وفي مثل هذا الموضع حتّى يعيدوها عليه في كلام آخر ، كما قال : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (٥) (وَلا خَوْفٌ
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢٠ / ٦٥ ، وفي كنز العمال بتفاوت : ١٥ / ٨٥٦ ح ٤٣٤٠٧.
(٢) سورة الإنسان : ٣.
(٣) مجمع الزوائد : ١٠ / ٢٥٦.
(٤) الصحاح : ٢ / ٥٤٢.
(٥) سورة القيامة : ٣١.