وقال الحسن : كم مستدرج بالإحسان إليه ، وكم من مفتون بالثناء عليه ، وكم من مغرور بالستر عليه.
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ * أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ * أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) في الضجر والغضب والعجلة وهو يونس عليهالسلام.
(إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ) مغموم (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ) أدركه ، وفي مصحف عبد الله (تداركته) بالتاء. (نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) حين رحمه وتاب عليه (لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) مليم مجرم.
(فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وذلك أنّ الكفار أرادوا أن يعيّنوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويصيبوه بالعين ، فنظر إليه قوم من قريش ، وقالوا : ما رأينا مثله ولا مثل حججه.
وقيل : كانت العين في بني أسد ، حتى أن كانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمرّ بأحدهم فيعاينها ثمّ يقول : يا جارية خذي المكيل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه البقرة ، فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر.
وقال الكلبي : كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ، ثمّ يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول : لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه ، فما تذهب إلّا قريبا حتى يسقط منها طائفة وعدة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك (١) ، فأجابهم وأنشد :
قد كان قومك يحسبونك سيدا |
|
وأخال أنّك سيد معيون (٢) |
فعصم الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوسلم ، وأنزل (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني : ويكاد الذين كفروا.
(لَيُزْلِقُونَكَ) دخلت اللام لمكان إن ، وقرأ الأعمش وعيسى ليرهقونك ، وهي قراءة ابن عباس وابن مسعود أي يهلكونك ، وقرأ أهل المدينة بفتح الياء (لَيُزْلِقُونَكَ) ، وقرأ غيرهم بضمه ، وهما لغتان ، يقال : زلّفه تزلقه زلقا ، أزلقه تزلقه إزلاقا بمعنى واحد ، واختلفت (٣) عبارات المفسرون في تأويله.
قال ابن عباس : يقذفونك بأبصارهم (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ).
ويقال : زهق السهم وزلق إذا نفذ ، وقال قتادة ، بمعنى يزهقونك ، معمر عن الكلبي : يصرعونك ، حيان عنه : يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة ، عطية : يرجونك ، المؤرخ :
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ٢٤٩.
(٢) الصحاح : ٦ / ٢١٧١.
(٣) في المخطوط : واختلف.