(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) (١) ليتجاوز حدّه ويستكبر على ربّه (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) قال الكلبي : يرتفع من منزلة إلى منزلة في اللباس والطعام وغيرهما ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «أعوذ بك من فقر ينسي ومن غنى يطغي» [١٩١] (٢).
(إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) المرجع في الآخرة (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى) نزلت في أبي جهل ـ لعنه الله ـ نهى النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة حتى فرضت عليه.
أخبرنا عبد الله بن حامد فقال : أخبرنا أحمد بن عبد الله قال : حدّثنا محمد بن عبد الله ابن يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال : حدّثنا معمر بن سليمان عن أبيه قال : حدّثنا نعيم بن أبي مهند عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟
قالوا : نعم ، قال : فو الذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن رقبته.
قال فما [فجأهم] منه إلّا يتقي بيديه وينكص على عقبيه ، قال : فقالوا له : ما ذاك يا أبا الحكم؟ قال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة ، [فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا] [١٩٢] (٣) فأنزل الله سبحانه (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ) أبو جهل لعنه الله (وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) لنأخذن بمقدم رأسه فلنذلّنّه ، ثم قال على البدل : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ).
قال ابن عباس : لمّا نهى أبو جهل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة انتهره رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال أبو جهل : أتهدّدني؟ فو الله لأملأن عليك إن شئت هذا خيلا جردا أو رجالا مردا ، فأنزل الله سبحانه (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) (٤) أي قومه (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لأخذته الزبانية عيانا» [١٩٣] (٥).
(كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) وصلّ واقترب من الله سبحانه وتعالى.
__________________
(١) سورة العلق : ٦.
(٢) مسند أبي يعلى : ٧ / ٣١٣ بتفاوت.
(٣) تفسير الطبري : ٣٠ / ٣٢٤ وما بين معكوفين منه ، وصحيح مسلم : ٨ / ١٣٠ ط. دار الفكر.
(٤) سورة العلق : ١٧.
(٥) البداية والنهاية : ٣ / ٥٨ ، تفسير الجلالين : ٨١٥.