الخطاب الجنائي قال : حدّثنا الهيثم بن الربيع قال : حدّثنا سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال : كان أبو بكر يأكل مع النبي عليهالسلام فنزلت هذه الآية : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) فرفع أبو بكر ـ رضياللهعنه ـ يده وقال : يا رسول الله أنّى أخبر بما عملت من مثقال ذرة من شر؟ فقال : «يا أبا بكر ما رأيت في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذرّ الشرّ ، ويدّخر الله لك مثاقيل ذر (١) الخير حتى توفّاه يوم القيامة» [٢٢٩] (٢).
له عن محمد بن جرير قال : حدّثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا بن وهب قال : حدّثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجيلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : نزلت (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) وأبو بكر الصديق ـ رضياللهعنه ـ قاعد فبكى حين أنزلت ، فقال له رسول الله عليهالسلام : «ما يبكيك يا أبا بكر؟» قال : أبكتني هذه السورة ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والله لو أنكم لا تخطئون ولا تذنبون ويغفر الله لكم لخلق الله أمّة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم» [٢٣٠] (٣).
وقراءة العامّة (يَرَهُ) بفتح الياء في الحرفين ، وقرأ خالد بن نشيط وعاصم الجحدري بضم الياءين لقوله : (لِيُرَوْا).
قال مقاتل : نزلت هذه الآية في رجلين وذلك أنه لما نزل (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) (٤) كان أحدهما يأتيه السائل فيستقلّ أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ونحوها ويقول : ما هذا بشيء إنّما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه يقول الله سبحانه : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) فما أحب لنا هذا فرده غفران ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير ، الكذبة والغيبة والنظرة وأشباه ذلك ويقول : ليس عليّ من هذا شيء إنّما وعد الله سبحانه النار على الكبائر ، وليس في هذا إثم ، فأنزل الله سبحانه يرغّبهم في القليل من الخير أن يعطوه ، فإنّه يوشك أن يكثر ، ويحذّرهم اليسير من الذنب فإنّه يوشك أن يكبر ، فالإثم الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعلى من الجبال ، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء فقال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
سئل ثعلبة عن الذرّة قال : إن مائة مثل وزن حبّة والذرّة واحد منها. وقال يزيد بن [مروان] : زعموا أن الذرّة ليس لها وزن ، ومعنى المثقال الوزن ، وهو مفعال من الثقل ، وقال
__________________
(١) في الأصل : مثاقيل الخير.
(٢) تفسير ابن كثير : ٤ / ٥٧٧.
(٣) مجمع الزوائد : ٧ / ١٤١ ، بتفاوت يسير.
(٤) سورة الدهر : ٨.