سفيان الثوري : يهمز بلسانه ويلمز بعينه. ابن كيسان : الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ ، واللمزة الذي يكسر عينه على جليسه ، ويشير برأسه ، ويومض بعينه ، ويرمز بحاجبه ، وهما لغتان للفاعل نحو سخرة وضحكة للذي يسخر ويضحك من الناس.
وروي عن أبي جعفر والأعرج بسكون الميم فيهما ، فإن صحّت القراءة فهي في معنى المفعول ، وهو الذي يتعرّض للناس حين يهمزوه ويضحكون منه ، ويحملهم على الاغتياب.
وقرأ عبد الله والأعمش ويل للهمزة اللمزة ، وأصل الهمز الكسر والعض على الشيء بالعنف ، ومنه همز الحرف ، ويحكى أنّ أعرابيّا قيل له : أتهمز الفارة؟ فقال : الهرّة تهمزها ، وقال الحجاج :
ومن همزنا رأسه تهشما (١)
واختلف المفسّرون فيمن نزلت هذه الآية ، فقال قوم : نزلت في جميل بن عامر الجمحي ، وإليه ذهب ابن أبي الجمح ، وقال الكلبي : نزلت في الأخنس بن شريق ووهب بن عمرو الثقفي وكان يقع في الناس ويغتابهم مقبلين ومدبرين.
وقال محمد بن إسحاق بن مسار : ما زلنا نسمع أن سورة الهمزة نزلت في أميّة بن خلف الجمحي.
وقال مقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة وكان يغتاب النبي صلىاللهعليهوسلم ويطعن في وجهه.
وقال مجاهد وغيره : ليست بخاصّة لأحد ، بل كل من كانت هذه صفته (٢).
(الَّذِي جَمَعَ مالاً) قرأ شيبة ونافع وعاصم وابن كثير وأبو عمرو وأيّوب بتخفيف الميم ، واختاره أبو حاتم ، غيرهم بالتشديد واختاره أبو عبيد ، واختلف فيه عن يعقوب.
(وَعَدَّدَهُ) أحصاه وقال مقاتل : استعدّه وذخره وجعله عتادا له ، وقرأ الحسن وَعَدَدَهُ بالتخفيف وهو بعيد ، وقد جاء مثل ذلك في الشعر لمّا أبرزوا التضعيف خفّفوه ، قال الشاعر :
مهلا أعاذل قد جربت من خلقي |
|
إني أجود الأقوام وإن ضننوا (٣) |
(يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) في الدنيا (كَلَّا) رد عليه.
أخبرني بن فتحويه قال : حدّثنا خنيس قال : حدّثنا أبو الهيثم بن الفضل قال : حدّثنا أبو زرعة قال : حدّثنا ابن السرح قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدّثني حرملة بن عمر أنه سمع عمر
__________________
(١) لسان العرب : ٥ / ٤٢٥.
(٢) راجع تفسير القرطبي : ٢٠ / ١٨٣.
(٣) الصحاح : ٦ / ٢١٥٦.