والمكركس : المنكوس المطروح (١). وقال أبو الصلت بن أميّة بن مسعود في ذلك أيضا :
إن آيات ربنا باقيات |
|
ما يماري فيهنّ إلّا الكفور |
حبس الفيل بالمغمس حتى |
|
ظلّ يحبو كأنه معقور |
حوله من ملوك كندة [أبطال] |
|
ملاويث في الحروب صقور |
غادروه ثم انذعروا سراعا |
|
كلّهم عظم ساقه مكسور (٢) |
وقال الكلبي ومقاتل : كان صاحب الجيش أبرهة ، وكان أبو يكسوم من وزرائه وندمائه ، فلمّا أهلكهم الله سبحانه بالحجارة لم يفلت منهم إلّا أبو يكسوم ، فسار وطاير يطير فوقه ولم يشعر به حتى دخل على النجاشي فأخبره بما أصابهم ، فلمّا استتمّ كلامه رماه الطائر فسقط فمات ، فأرى الله النجاشي كيف كان هلاك أصحابه (٣).
وقال الآخرون : أبو يكسوم هو أبرهة بن الصباح. وقال الواقدي : كان أبرهة جدّ النجاشي الذي كان في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
واختلفوا في تاريخ عام الفيل ، فقال مقاتل : كان أمر الفيل قبل مولد رسول الله عليهالسلام بأربعين سنة ، وقال الكلبي وعبيد بن عمير : كان قبل مولد النبي عليهالسلام بثلاث وعشرين سنة.
وروي أنّه كان في العام الذي ولد فيه رسول الله عليهالسلام ، وعليه أكثر العلماء ، يدل عليه ما أخبرنا أبو بكر الخورقي قال : أخبرنا أبو العباس الدعولي قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، قال : حدّثنا إبراهيم بن المنذر الجراحي قال : حدّثنا عبد العزيز بن أبي ثابت قال : حدّثنا الزبير بن موسى عن أبي الحويرث قال : سمعت عبد الملك بن مروان يقول لقباث بن أشيم الكناني الليثي : يا قباث ، أنت أكبر أم رسول الله؟ قال : رسول الله أكبر منّي ، وأنا أسنّ منه ، ولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الفيل ، ووقفت بي أمّي على روث الفيل.
وقالت عائشة : رأيت قائد الفيل وسائسه بمكّة عميين مقعدين يستطعمان.
التفسير :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) قال مقاتل : كان معهم فيل واحد ، وقال الضّحاك : كانت ثمانية ، وإنّما وجد على هذا التأويل لوفاق رؤوس الآي ، أو يقال : نسبهم إلى الفيل الأعظم واسمه محمود.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢٠ / ١٩٦.
(٢) تفسير ابن كثير : ٤ / ٥٩١.
(٣) ذكرها الطبري في تفسيره بشكل مفصّل : ١ / ٥٥٠ ـ ٥٥٧.