منهم رجلا وتحاوروا واقتتلوا ، ورفدت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتى جاوزوا خزاعة الى الحرم ، وكان ممن أعان من قريش بني بكر على خزاعة ليلتين بأنفسهم مشتركين صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو ومع عبيدهم قالوا : فلما انتهوا الى الحرم قالت بنو بكر : يا نوفل إنا دخلنا الحرم ، إلهك إلهك ، فقال كلمة عظيمة : أنه لا إله اليوم [يا بني بكر] أصيبوا ثأركم فيه فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه (١).
فلما دخلت خزاعة مكة لجئوا الى دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولى لهم يقال له رافع ، فلما تظاهرت قريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم من العهد لما استحلّوا من خزاعة ، وكانوا في عقدة ، خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان ذلك مما هاج فتح مكة فوقف عليه وهو في المسجد جالس بين ظهراني الناس فقال لهم : إني بايعت محمدا وذكر الأبيات كما ذكرها في سورة التوبة الى قوله :
هم بيتونا بالوتير هجّدا |
|
فقتلونا ركعا وسجدا (٢) |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قد نصرت يا عمرو بن سالم ، ثم عرض لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عنان من السماء فقال : «إن هذه السحابة لتستهلّ بنصر بني كعب» [وأمر رسول الله الناس بالجهاز وكتمهم مخرجه]».
وقد قال حسن : بلغه إسلام أم هاني بنت أبي طالب وأسمها هند :
أشاقتك هند أم ناك سؤالها |
|
كذاك النوى أسبابها وانفتالها (٣) |
القصيدة.
قال ابن إسحاق ، وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف من بني غفار أربعمائة ومن أسلم أربعمائة ومن مزينة ألف ومن بني سلم سبعمائة ومن جهينة ألف وأربعمائة رجل وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم وطوائف العرب من تميم وقيس واسد.
قالوا : وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان وأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة بعد فتحها خمس عشر ليلة يقصر الصلاة ، ثم خرج الى هوازن وثقيف وقد نزلوا حنين.
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) زمرا وأرسالا (٤) القبيلة بأسرها ، والقوم بأجمعهم من غير قتال.
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٢ / ٣٢٤.
(٢) تاريخ الطبري : ٢ / ٣٢٥.
(٣) تاريخ الطبري : ٢ / ٣٤٠ ، والبداية والنهاية : ٤ / ٣١٨.
(٤) الأرسال : فرقة بعد فرقة واحدها : رسل.