هو أم فضة أم حديد أم من خشب؟ فنزلت هذه السورة ، فأرسل الله سبحانه الصاعقة إلى أربد فأحرقته وطعن عامر في خنصره فمات ، وقد ذكرت قصتهما في سورة الرعد.
وقال الضحاك وقتادة ومقاتل : جاء ناس من أحبار اليهود الى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا محمد صف لنا ربّك لعلنا نؤمن بك فإن الله أنزل نعته في التوراة فأخبرنا به من أي شيء هو من أي جنس أمن ذهب هو أو نحاس أم صفر أم حديد أم فضة؟ وهل يأكل ويشرب؟ وممّن ورث الدنيا؟ ومن يورثها؟ فأنزل الله سبحانه هذه السورة وهي نسبة الله خاصة.
وأخبرني عقيل أن أبا فرج البغدادي أخبرهم عن أبي جعفر الطرفي قال : حدّثنا ابن حميد قال : حدّثنا سلمة قال : حدّثني ابن إسحاق عن محمد بن سعيد قال : أتى رهط من اليهود للنبي صلىاللهعليهوسلم قالوا : يا محمد هذا الله خلق الخلق فمن خلقه؟ فغضب النبي حتى امتقع لونه ثم ساورهم غضبا لربه ، فجاءه جبرائيل فسكّنه وقال : أخفض عليك جناحك يا محمد ، وجاءه من الله سبحانه بجواب ما سألوه (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) السورة ، فلما تلا عليهم النبي صلىاللهعليهوسلم قالوا له : صف لنا ربك كيف خلق وكيف عضده وذراعه؟ فغضب النبي صلىاللهعليهوسلم أشد من غضبه الأوّل وساورهم ، فأتاه جبرائيل فقال : له مثل مقالته وأتاه بجواب ما سألوه (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (١).
وقال الضحاك عن ابن عباس : إنّ وفد نجران قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبعة أساقفة من بني الحرث بن كعب فيهم السيد والعاقب ، فقالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : صف لنا ربك من أي شيء هو؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ ربي ليس من شيء وهو بائن من (٢) الأشياء» [٣١٥] فأنزل الله سبحانه (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) أي واحد.
ولا فرق بين الواحد والأحد عند أكثر أصحابنا يدل عليه قراءة عبد الله (قُلْ هُوَ اللهُ) [...] (٣).
وفرق قوم بينهما فقال بعضهم : الواحد للفصل والأحد للغاية ، وقيل : واحد بصفاته أحد بذاته ، وقيل : إنّ الواحد يدلّ على أزليته وأوّليته ، لأنّ الواحد في الأعداد ركنها وأصلها وميدانها ، والأحد يدل على بينونته من خلقه في جميع الصفات ، ونفي أبواب الشرك عنه ، فالأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد ، والواحد أسم لمفتتح العدد ، فأحد صلح في الكلام في موضع الجحود ، والواحد في موضع الإثبات تقول : لم يأتني منهم أحد وجاءني منهم واحد ،
__________________
(١) سورة الزمر : ٦٧.
(٢) في سبل الهدى للشامي (٣ / ٣٩٦) : وهو بائن خالق الأشياء.
(٣) بياض في مصوّرة المخطوط.