وأنشد الأئمة في الصمد :
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد |
|
بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد (١) |
وقال قتادة : (الصَّمَدُ) : الباقي بعد خلقه ، عاصم ومعمر : هو الدائم ، علي بن موسى الرضا : هو الذي أيست العقول عن الإطلاع على كيفيته ، محمد بن علي الترمذي : هو الأزلي بلا عدد ، والباقي بلا أمد ، والقائم بلا عمد ، الحسين بن الفضل : هو الأزلي بلا أبتداء ، وقيل : هو الذي جلّ عن شبه المصورين وقيل : هو بمعنى نفي التجزؤ والتأليف عن ذاته ، ميسرة : المصمت ، ابن مسعود : الذي ليست له أحشاء ، أبو إسحاق الكوفي عن عكرمة : (الصَّمَدُ) الذي ليس فوقه أحد ، وهو قول علي عليهالسلام.
السدي : هو المقصود إليه في الرغائب المستغاث به عند المصائب ، يمان : الذي لا ينام ، كعب الأحبار : الذي لا يكافئه من خلقه أحد. ابن كيسان : الذي لا يوصف بصفته أحد ، مقاتل ابن حيان : الذي لا عيب فيه ، ربيع : الذي لا تعتريه الآفات ، سعيد بن جبير أيضا : الكامل في جميع صفاته وأفعاله ، الصادق : وهو الغالب الذي لا يغلب ، أبو هريرة : المستغني عن كل أحد والمحتاج إليه كل أحد ، مرّة الهمداني : الذي لا يبلى ولا يغنى ، الحسين بن الفضل أيضا : هو الذي (يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) و (يَفْعَلُ ما يَشاءُ ... لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) ولا راد لقضائه.
محمد بن علي : (الصَّمَدُ) : الذي (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ولا تحويه الأفكار ولا تبلغه الأقطار (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ).
ابن عطاء : (الصَّمَدُ) : الذي لم يتبيّن عليه أثر فيما أظهر ، جعفر : الذي لم يعط لخلقه من معرفته الا الاسم والصفة، جنيد : الذي لم يجعل لأعدائه سبيلا الى معرفته ، وقيل : هو الذي لا يدرك حقيقة نعوته وصفاته فلا يتسع له اللسان ولا يشير إليه البيان ، ابن عطاء : هو المتعالي عن الكون والفساد ، وقال الواسطي : الذي لا يسحر ولا يستغرق ولا تعترض عليه القواطع والغلل.
وقال جعفر أيضا : (الصَّمَدُ) خمس حروف : فالألف دليل على أحديّته ، واللام دليل على إلهيته وهما مدغمان لا يظهران على اللسان ويظهران في الكتابة ، فدلّ على أحديته وإلهيّته خفية لا يدرك بالحواس ، وأنّه لا يقاس بالناس فخفاءه في اللفظ دليل على أن العقول لا تدركه ولا تحيط به علما ، وإظهاره في الكتابة دليل على أنه يظهر على قلوب العارفين ، ويبدو لأعين المحبين في دار السلام ، والصاد دليل على صدقه ، فوعده صدق وقوله صدق وفعله صدق ودعا عباده الى الصدق ، والميم دليل على ملكه فهو الملك على الحقيقة ، والدال علامة دوامه في أبديته وأزليته.
__________________
(١) لسان العرب : ٣ / ٢٥٨.