أخليفة الرحمن إنّ عشيرتي |
|
أمسى سوائمهم عزين فلولا (١) |
وقال آخر :
كأن الجماجم من وقعها |
|
خناطيل (٢) يهون شتى عزينا (٣) |
وأخبرني عقيل أن المعافى أخبرهم عن ابن جرير ، قال : حدّثنا بكار قال : حدّثنا مؤمل قال : حدّثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم خرج على أصحابه وهم حلق حلق فقال : «ما لي أراكم عزين» [٣٥] (٤).
قال المفسّرون : كان المشركون يجتمعون حول النبيّ صلىاللهعليهوسلم ويتسمعون كلامه ولا ينتفعون به ، بل يكذبونه ويكذبون عليه ويستهزءون به وبأصحابه ، ويقولون : دخل هؤلاء الجنّة كما يقول محمد ، فلندخلها قبلهم وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم فأنزل الله سبحانه : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) قرأ الحسن وطلحة بفتح الياء وضم الخاء ، ومثله روى المفضل عن عاصم ، الباقون ضده (كَلَّا) لا يدخلونها ثمّ ابتدأ فقال : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) أي من نطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة فلا يستوجب الجنّة أحد منهم بكونه شريفا ؛ لأنّ مادة الخلق واحدة بل يستوجبونها بالطاعة ، قال قتادة في هذه : إنّما خلقت يا ابن آدم من قذر فاتق إلى الله.
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن برزة قال : حدّثنا محمد بن سليمان ابن الحرث الباغندي قال : حدّثنا عارم أبو النعمان السدوسي ، قال : حدّثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك ، قال : كان أبو بكر الصديق إذا خطبنا ذكر مناتن ابن آدم فذكر بدء خلقه أنّه يخرج من مخرج البول مرتين ، ثمّ يقع في الرحم نطفة ، ثمّ علقة ، ثمّ مضغة ، ثمّ يخرج من بطن أمه فيتلوث في بوله وخراه حتّى يقذر أحدنا نفسه.
وأخبرني ابن فنجويه ، قال : حدّثنا موسى بن محمد بن عليّ ، قال : حدّثنا جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدّثنا صفوان بن صالح قال : حدّثنا الوليد بن مسلم قال : حدّثنا جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير عن بسر بن جحاش قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبصق يوما في كفه ووضع عليها إصبعه فقال : «يقول عزوجل بني آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه ، حتّى إذا سوّيتك وعدّلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد ، فجمعت ومنعت حتّى (إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) قلت : أتصدّق وأنى أوان الصدقة» [٣٦] (٥).
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٢٩ / ١٠٧.
(٢) الخناطيل : لا واحد لها من جنسها ، وهي جماعات من الوحش والطير في تفرقة.
(٣) تفسير القرطبي : ١٨ / ٢٩٣.
(٤) مسند أحمد : ٥ / ٩٣.
(٥) مسند أحمد : ٤ / ٢١٠.