وقال عطاء وقتادة والثمالي والمسيب : صارت أوثان قوم نوح إلى العرب فكان ود لكلب بدومة الجندل ، وكان سواع برهاط لهذيل ، وكان يغوث لبني غطيف من مراد بالجوف ، وكان يعوق لهمدان ، وكان نسر لآل ذي الكلاع من حمير ، وأما اللات فلثقيف ، وأما العزى فلسليم وغطفان وخثعم ونصر وسعيد بن بكر ، وأما مناة فكانت لقديد ، وأما أساف ونائلة وهبل فلأهل مكّة ، وكان أساف حيال الحجر الأسود ، وكانت نائلة حيال الركن اليماني ، وكان هبل في جوف الكعبة ثمانية عشر ذراعا.
وقال الواقدي : كان ودّ على صورة رجل ، وسواع على صورة امرأة ، ويغوث على صورة أسد ، ويعوق على صورة فرس ، ونسر على صورة نسر من الطير.
(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) أي ضل بعبادتها وبسببها كثيرا من الناس نظيره (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) (١) (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً * مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) أي من خطاياهم (٢) و (ما) صلة وقرأ أبو عمرو خطاياهم (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) وقرأ أبو حيوة والأعمش : مما خطتهم على الواحد ، وروى أبو روق عن الضحاك في قوله سبحانه :(أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) قال : يعني في الدنيا في حالة واحدة كانوا يغرقون من جانب ويحترقون في الماء من جانب.
أنشدنا أبو القيّم الحسن قال : أنشدنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رمح ، قال : أنشدنا أبو بكر بن الأنبازي :
الخلق مجتمع طورا ومفترق |
|
والحادثات فنون ذات أطوار |
لا تعجبنّ لأضداد إن اجتمعت |
|
فالله يجمع بين الماء والنار |
(وَقالَ نُوحٌ) قال مقاتل : نوح بالسريانية الساكن ، وإنّما سمّي نوحا ؛ لأنّ الأرض سكنت إليه (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً). أحدا يدور في الأرض فيذهب ويحيى ، وهو فيعال من الدوران مثل القيام أصله قيوام وديّوار.
وقال القتيبي : أصله من الدار أي نازل دارا (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ) قال ابن عباس : كان الرجل ينطلق بابنه إلى نوح فيقول : احذر هذا فإنّه كذّاب وإن أبي حذّرنيه فيموت الكبير وينشأ الصغير عليه.
(وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) يعني : من سيكفر ويفجر. قال محمد بن كعب ومقاتل والربيع وعطية وابن زيد : إنّما قال نوح عليهالسلام هذا حين أخرج الله تعالى كلّ مؤمن
__________________
(١) سورة إبراهيم : ٣٦.
(٢) في المخطوط : خطياتهم.