قال أبو حمزة الثمالي : بلغنا أنهم من بني الشيطان وهم أكثر الجن عددا وهم عامة جنود إبليس. (فَقالُوا) لما رجعوا إلى قومهم (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً * وَأَنَّهُ) بالفتح قرأه أهل الشام والكوفة إلّا حفصا.
وفتح أبو جعفر ما كان مردودا على الوحي ، وكسر ما كان حكاية عن الجن ، وجرها كلّها الباقون.
(تَعالى جَدُّ رَبِّنا) حدّثنا عبيد الله بن محمد بن محمد بن مهدي العدل ، قال : حدّثنا الأصم ، قال : حدّثنا أحمد بن حازم ، قال : حدّثنا عبد الله بن سفيان عن السدي في قوله : (جَدُّ رَبِّنا) قال : أمر ربنا.
وبإسناده عن سفيان عن سلمان التيمي عن الحسن ، قال : غنى ربنا ومنه قيل : للحظ جد ورجل مجدود. وقال ابن عباس : قدرة ربنا. مجاهد وعكرمة : جلاله. قتادة : عظمته. ابن أبي نجيح عن مجاهد : ذكره. ضحاك : فعله. القرظي : آلاؤه ونعمه على خلقه. الأخفش : علا ملك ربنا. ابن كيسان : علا ظفره على كل كافر بالحجة. والجدّ في اللغة : العظمة ، ومنه قول أنس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ في أعيننا أي عظم.
وقال ابن عباس : لو علمت أن في الإنس جدّا ما قالت تعالى جدّ ربّنا ، وقال أبو جعفر الباقر وابنه جعفر والربيع بن أنس : ليس لله جد وإنّما وليه الجدّ بالجهالة فلم تؤخذوا به.
(مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) وقرأ عكرمة : تَعالى جِدُّ رَبِّنا بكسر الجيم على ضد الهزل ، وقرأ ابن السميع : (جدي ربّنا) وهو الجدوى والمنفعة.
(وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) جاهلنا ، وقال مجاهد وقتادة : هو إبليس لعنه الله (عَلَى اللهِ شَطَطاً) عدوانا وقولا عظيما (وَأَنَّا ظَنَنَّا) حسبنا (أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) أي كنّا نظنّهم صادقين في قولهم : إنّ لله صاحبة وولدا حتّى سمعنا القرآن (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) وذلك قول الرجل من العرب إذا أمسى بالأرض القفر : أعوذ بسيد هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه ، فيبيت في أمن وجوار حتّى يصبح.
قال مقاتل : أوّل من تعوّذ بالجن قوم من أهل اليمن ، ثمّ بنو حنيفة ثمّ فشا ذلك في العرب.
أخبرني ابن فنجويه ، قال : حدّثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدّثنا أبو القيّم عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي ، قال : حدّثنا موسى بن سعيد بن النعمان بطرطوس ، قال : حدّثنا فروة بن معراء الكندي ، قال : حدّثنا القيّم بن مالك عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه عن كردم بن أبي السائب الأنصاري ، قال : خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أوّل ما ذكر