وقال آخر :
ولقد قلت وزيد جاسر |
|
يوم ولّت خيل عمرو قددا |
(وَأَنَّا ظَنَنَّا) علمنا (أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ) إن أراد بنا أمرا (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) إن طلبنا (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ) قرأه العامّة بالألف ، وقرأ الأعمش فلا يخفف بالجزم (بَخْساً) نقصا (وَلا رَهَقاً) ظلما ، يقول : لا يخاف أن ينقص من حسناته ، ولا أن يزداد في سيّئاته ، ولا أن يؤخذ بذنب غيره ، ولا أن يعاقب بغير جرم ، وقيل : (رَهَقاً) : مكروها يغشاه ، وقيل : ذهاب كله نظيره قوله سبحانه وتعالى : (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) (١).
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) الجائرون العادلون عن الحق. يقال : أقسط الرجل فهو مقسط إذا عدل ، قال الله سبحانه : (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٢) ، وقسط يقسط قسوطا إذا جاد. قال الشاعر :
قوم هم قتلوا ابن هند عنوة |
|
عمرا وهم قسطوا على النعمان (٣) |
وأنشد ابن زيد :
قسطنا على الأملاك في عهد تبّع |
|
ومن قبل ما أدرى النفوس عقابها (٤) |
ونظيره في الكلام المترب : الفقير ، والمترب : الغني.
(فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) أي قصدوا وأعدّوا وتوخّوا ومنه بتحرّى القبلة لمن عميت عليه. وقال امرؤ القيس :
ديمة هطلاء فيها وطف |
|
طبق الأرض تحرّى وتدر (٥) |
(وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً).
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧) وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (١٩) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي
__________________
(١) سورة طه : ١١٢.
(٢) سورة الحجرات : ٩.
(٣) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٧.
(٤) جامع البيان للطبري : ٢٩ / ١٤١.
(٥) الصحاح : ٤ / ١٥١٢.