عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (١) ، جعفر الصادق : هو نهر في الجنّة (٢).
(وَالْقَلَمِ) وهو الذي كتب به الذكر ، وهو قلم من نور ما بين السماء والأرض ويقال : لمّا خلق الله تعالى القلم وهو أوّل ما خلقه نظر إليه فانشقّ نصفين ، ثمّ قال : اجر ، فقال : يا ربّ بم أجري ، فقال : بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فجرى على اللوح المحفوظ بذلك.
قال عطا : سألت الوليد بن عبادة بن الصامت ، كيف كانت وصية أبيك حين حضره الموت؟ قال : دعاني فقال : أي بني اتق الله واعلم أنّك لن تتقي الله ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده والقدر خيره وشره ، إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ أوّل ما خلق الله القلم فقال له : اكتب ، فقال : يا ربّ وما أكتب؟ فقال : اكتب العلم (٣) وقال : فجرى القلم في تلك الساعة وما هو كائن إلى الأبد» [٢] (٤).
وحكي أنّ ابن الزيّات دخل على بعض الخلفاء فوجده مغموما ، وقال له : روّح عني يا ابن الزيّات ، فأنشأ يقول :
اللهم فضل والقضاء غالب |
|
وكان الخطّ في اللوح |
انتظر الروح وأسبابه |
|
أيئس ما كنت في الروح (٥) |
وهل أراد بالقلم الخطّ والكتابة الذي امتنّ الله تعالى على عباده بتعليمه إياهم؟ ذلك كما قال : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ).
وقد أكثر الحكماء والبلغاء في وصف القلم ونفعه فلم أراد إخلال هذا الكتاب عن تدبر فصوصه؟
فقال ابن هيثم : من جلالة القلم أنّه لم يكتب لله تعالى كتاب إلّا به لذلك أقسم الله تعالى به. وقيل : الأقلام مطايا الفطن ورسل الكرام.
وقيل : القلم الظلم الأكبر. وقيل : البيان اثنان : بيان لسان وبيان بنان ، وفضل بيان البنان أنّ ما تثبته الأقلام باق على الأيام ، وبيان اللسان تدرسه الأعوام.
وقال بعض الحكماء : قوام أمور الدين والدنيا شيئان : القلم والسيف ، والسيف تحت العلم وفيه يقول شاعرهم :
__________________
(١) سورة الروم : ٤٧.
(٢) زاد المسير : ٨ / ٦٥.
(٣) في المصدر : القدر.
(٤) السنن الكبرى : ٩ / ٣.
(٥) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٥ / ١٦٥.