قال ابن عباس : اترك المأثم ، مجاهد وقتادة وعكرمة والزهري وابن زيد : والأوثان فاهجر ولا تقربها وهي رواية الوالبي عن ابن عباس ، وقيل الزاي فيه منقلبة عن السين والعرب تعاقب بين الزاي والسين لقرب مخرجهما ودليل هذا التأويل قوله سبحانه : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) (١).
أبو العالية والربيع : الرجز بالضم الصّنم ، وبالكسر : النجاسة والمعصية ، وقال الضحاك : يعني الشرك ، ابن كيسان : يعني الشيطان ، وقال الكلبي : يعني العذاب ، ومجاز الآية : أهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال ، وقيل : أتسقط حب الدنيا عن قلبك ؛ فإنها رأس كلّ خطيئة ، وقيل : ونفسك فخالفها.
(وَلا تَمْنُنْ) قراءة العامة بإظهاره التضعيف وقرأ أبو السماك العدوى ولا تمنّ مدغمة مفتوحة مؤكدة (تَسْتَكْثِرُ) قرأ الحسن بالجزم على جواب النهي وهو ردي ؛ لأنه ليس بجواب.
وقرأ الأعمش بالنصب على توهّم لام كي كأنه قال : لتستكثر ، وقرأ الآخرون بالرفع واختلفوا في معنى الآية فقال أكثر المفسرين ولا تعط شيئا لتعطى أكبر منه ، قال قتادة : لا تعط شيأ طمعا لمجازاة الدنيا ومقارضتها ، القرظي : لا تعط مالك مصانعة ، قال الضحاك ومجاهد : كان هذا للنبي صلىاللهعليهوسلم خاصة ، وقال الضحاك : هما رياءان : حلال وحرام ، فأما الحلال فالهدايا وأما الحرام فالربا.
وقال الحسن : (وَلا تَمْنُنْ) على الله بعملك فتستكثره ، الربيع : لا يكثرن عملك في عينك فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل ، ابن كيسان : لا تستكثر عملك فتراه من نفسك أنّما عملك منّة من الله سبحانه عليك ، إذ جعل لك سبيلا إلى عبادته [فله] (٢) بذلك الشكر أن هداك له ، خصيف عن مجاهد : ولا تضعف أن تستكثر من الخير من قولهم : حبل متين إذا كان ضعيفا ، ودليله قراءة ابن مسعود ولا تمنن أن تستكثر ، وقال ابن زيد : معناه ولا تمنّ بالنبوة على الناس فنأخذ عليها منهم أجرا وعرضا من الدنيا. زيد بن أسلم : إذا أعطيت عطية فأعطها لربّك واصبر حتى يكون هو الذي يثيبك عليها ، وقال مجاهد : واصبر لله على ما أوذيت ، ابن زيد : حملت أمرا عظيما محاربة العرب ثم العجم فاصبر عليه لله ، وقيل : على أوامر الله ونواهيه ، وقيل : (فَاصْبِرْ) تحت موارد القضاء لأجل الله ، وقيل : فارق الملامة والسآمة ، وقيل : (فَاصْبِرْ) على البلوى فإنه يمتحن أحباءه وأصفياءه.
(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
__________________
(١) سورة الحج : ٣٠.
(٢) في المخطوط : فعليه.