فعليه من نفسه من يكذّب عذره. مقاتل : ولو أدلى بعذر أو حجة لم ينفعه ذلك.
ومعنى الإلقاء : القول نظيره : (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) (١) (وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) (٢). الضحاك والسدي : يعني ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب ، قال : وأهل اليمن يسمّون الستر المعذار ، وقال بعض أهل المعاني : المعاذير إحالة بعضهم على بعض.
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) وذلك أن رسول الله عليهالسلام كان لا يفتر من قراءة القرآن مخافة أن ينساه ، وكان إذا نزل عليه جبرائيل بالقرآن لم يفرغ جبرائيل من الآية حتى يقرأ رسول الله عليهالسلام أولها ويحرك لسانه بها في نفسه مخافة أن ينساها فأنزل الله سبحانه (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (٣) وأنزل (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٤) وأنزل (لا تُحَرِّكْ بِهِ) أي بالوحي (لِسانَكَ) به أي تلاوته لتحفظه ولا تنساه (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) في صدرك حتى تحفظه (وَقُرْآنَهُ) وقراءته عليك حتى تعيه وقيل أراد بقوله : (وَقُرْآنَهُ) وجمعه في صدرك وهو مصدر كالرجحان والنقصان.
(فَإِذا قَرَأْناهُ) عليك (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أي ما فيه من الأحكام (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) بما فيه من الحدود والحلال والحرام. (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) قرأهما أهل المدينة والكوفة بالتاء وغيرهم بالياء أي يختارون الدنيا على العقبى نظيرها في سورة الإنسان (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) (٥).
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) يعني يوم القيامة (ناضِرَةٌ). قال ابن عباس : حسنة. قال الحسن : حسّنها الله بالنظر إلى ربها. مجاهد : مسرورة. ابن زيد : ناعمة. مقاتلان : بيض يعلوها النور. السدي : مضيئة. يمان : مسفرة. الفراء : مشرقة بالنعيم. الكسائي : بهجة. قال الفراء والأخفش : يقال نضر الله وجه فلان فلا يتنضر نضيرا فنضر وجهه ننضّر نضرة ونضارة قال الله سبحانه : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (٦) وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نضّر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها» [٦٧] (٧) ، ونظر في هذه الآية قوله سبحانه : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) (٨).
(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وأكثر الناس تنظر إلى ربّها عيانا.
__________________
(١) سورة النحل : ٨٦.
(٢) سورة النحل : ٨٧.
(٣) سورة طه : ١١٤.
(٤) سورة الأعلى : ٦.
(٥) سورة الإنسان : ٢٧.
(٦) سورة المطفّفين : ٢٤.
(٧) مسند أحمد : ٤ / ٨٠.
(٨) سورة عبس : ٣٩.