وأطراف النهار ، ثم أرشد إلى أن هذه النعم لا تدوم ، بل هى إلى زوال ، فكل ما على وجه الأرض سيفنى ، وتبدل الأرض غير الأرض والسموات نبههم إلى أنه فى يوم القيامة سيلقى كل عامل جزاء ما عمل ، وثواب ما اكتسب ، ولا مهرب حينئذ من العقاب ، ولا سبيل إلى الامتناع منه ، وسيكون جزاء المشركين به العاصين لأوامره ، نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كفر بربه وكذب برسله ، فاستعدوا لهذا اليوم قبل أن تندموا ، ولات ساعة مندم.
الإيضاح
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) أي سنقصد لحسابكم ومجازاتكم على أعمالكم ، وهذا وعيد شديد وتهديد من الله لعباده ، كما يقول القائل لمن يهدده : إذا أتفرغ لك : أي أقصد قصدك.
هذا ، وإن شأن الآخرة ما هو إلا شأن من الشئون ، فلا يشغله شأن عن شأن وهو القائل : «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» والقائل : «وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ».
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي فبأى نعم ربكما تكذبان يا معشر الثقلين ، ومن جملتها التنبيه إلى ما ستلقونه من الجزاء فى هذا اليوم ، تحذيرا مما سيؤدى إلى سوء الحساب ، وشديد العقاب.
ثم ذكر أنه لا مهرب فى هذا اليوم من جزاء كل عامل على عمله فقال :
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) أي إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من عقاب الله ، فارّين من عذابه فافعلوا ، والمراد أنكم لا تستطيعون ذلك ، فهو محيط بكم لا تقدرون على الخلاص منه ، فأينما ذهبتم أحيط بكم.