وقوله : «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ» وقوله : «وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ».
والخلاصة ـ إنها تذوب كما يذوب دردئ الزيت والفضة حين السبك ، وتتلوّن كما تتلون الأصباغ التي يدّهن بها ، فتارة تكون حمراء وأخرى صفراء وثالثة زرقاء.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فإن الإخبار بنحو ما ذكر مما يزجر عن الشر ، فهو لطف أىّ لطف ، ونعمة أيّما نعمة.
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) لأنهم يعرفون بسيماهم حينما يخرجون من القبور ويحشرون إلى الموقف.
ونحو الآية قوله تعالى : «هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» ثم يسألون بعدئذ كما يدل على ذلك قوله : «فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ».
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟) أي فبأى هذه النعم تكذبان ، فإن تخويف المجرم نعمة عليه ، حتى يرتدع عن ذنبه ، ويثوب إلى رشده ، ويتوب إلى ربه.
ثم ذكر السبب فى عدم سؤال الإنس والجان عن ذنوبهم فقال :
(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) أي يعرف المجرمون حينئذ بعلامات يمتازون بها عن سواهم ، فلا حاجة حينئذ إلى السؤال والجواب ، لأن السيما ميزت كل مجرم بنوع جرمه.
ولقد اهتدى الإنسان بعقله إلى فوائد هذه العلامات فى الدنيا ، فأنشأت الحكومات إدارات خاصة لعلامات المشتبه فى سلوكهم ومعتادى الأجرام ، فتأخذ إبهاماتهم وتحفظها فى أضابير خصّيصى بهم ، ولكل امرئ خطوط فى إبهامه لا تشابه خطوط غيره فيه ولا يحصل فيها التباس ، فمتى أحدث أحدهم حدثا وجاء بجرم روجع ملفّه الخاص ،