الكلام وقال له : بئس الرفد رفدت ؛ ليس كما زعمت ، ولكنا قوم تقبل علينا نساؤنا فيسرع الينا الشيب ، فقال له عبد الملك ما الذي جاء بك يا أبا محمد؟ فذكر له حكاية عمه عمر وأن الحجاج يريد أن يدخله معه في صدقات جده. فكتب عبد الملك الى الحجاج كتابا أن لا يعارض الحسن بن الحسن في صدقات جده ولا يدخل معه من لم يدخله علي ، وكتب في آخر الكتاب :
إنا اذا مالت دواعي الهوى |
|
وأنصت السامع للقائل |
واضطرب القوم بأحلامهم |
|
نقضي بحكم فاصل عادل |
لا نجعل الباطل حقا ولا |
|
نلفظ دون الحق بالباطل |
نخاف أن تسفه أحلامنا |
|
فنخمل الدهر مع الخامل |
وختم الكتاب وسلمه اليه وأمر له بجائزة وصرفه مكرما ؛ فلما خرج من عند عبد الملك لحقه يحيى بن أم الحكم فقال له الحسن : بئس والله الرفد رفدت ما زدت على أن أغريته بي فقال له يحيى : والله ما عدوتك نصيحة ولا يزال يهابك بعدها ابدا ، ولو لا هيبتك ما قضى لك حاجة.
وكان الحسن بن الحسن شهد الطف مع عمه الحسين عليهالسلام وأثخن بالجراح فلما أرادوا أخذ الرؤوس وجدوا به رمقا فقال أسماء بن خارجة بن عيينة بن خضر بن حذيفة بن بدر الفزاري : دعوه لي فان وهبه الأمير عبيد الله بن زياد «لع» لي وإلا رأى رأيه فيه. فتركوه له فحمله الى الكوفه ، وحكوا ذلك لعبيد الله بن زياد. فقال : دعوا لأبي حسان ابن اخته. وعالجه أسماء حتى برئ ثم لحق بالمدينة. وكان عبد الرحمن بن الأشعث قد دعا اليه وبايعه ، فلما قتل عبد الرحمن توارى الحسن حتى دس اليه الوليد (١) بن عبد الملك من سقاه سما فمات
__________________
(١) الصحيح : سليمان بن عبد الملك. لأن الحسن هذا قد دس اليه السم سنة سبع وستعين والوليد مات سنة ست وتسعين وبويع بعده أخوه سليمان ، فالذي دس اليه السم هو سليمان دون الوليد ، ثم إن ما ذكره من أنه كان عمر الحسن