فعصبوا جراحته وأقبلوا به الى المدائن فأقام يداوي جراحته وخاف أن يسلمه أصحابه الى معاوية لما رأى من فشلهم وقلة نصرتهم ، فأرسل الى معاوية وشرط عليه شروطا إن هو اجابه اليها سلم إليه الأمر ، منها ؛ أن له ولاية الأمر بعده فان حدث به حدث فللحسين. ومنها : أن له خراج دار الحرب من أرض فارس وله في كل سنة خمسين ألف ألف. ومنها : ان لا يهيج احدا من أصحاب علي ، ولا يعرض لهم بسوء. ومنها : أن لا يذكر عليا إلا بخير.
ويروى أن معاوية كتب كتابا شرط فيه للحسن شروطا ، وكتب الحسن كتابا يشترط فيه شروطا فختم عليه معاوية فلما رأى الحسن كتاب معاوية وجد شروطه له أكثر مما اشترطها لنفسه ، فطالبه بذلك فقال : قد رضيت بما اشترطته فليس لك غيره ثم لم يف بشيء من الشروط. ومضى الحسن مسموما. يقال من زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس ويذكرون لذلك (١) سببا الله أعلم به ، ولما ثقل مرضه قام الى الخلاء ثم رجع فقال : لقد سقيت السم مرارا ما سقيته مثل هذه المرة ، ولقد لفظت قطعة من كبدي في الطست فجعلت أقلبها بعود كان معي. فقال الحسين : ومن سقاك هو فقال : وما تريد منه؟ قال : أقتله. قال : إن يكن هو الذي اظن فالله حسبه وإن يكن غيره فما أحب أن يؤخذ بري. وقد كان أوصى الى أخيه أن يدفنه مع جده رسول الله صلىاللهعليهوآله فان خاف أن يراق في ذلك ولو محجمة دم دفنه بالبقيع ، فلما اراد دفنه مع جده منع من ذلك حتى
__________________
(١) روى ابن عساكر الشافعي في (التاريخ) في ترجمته عليهالسلام ج ٤ ص ٢٢٦ عن محمد بن المرزبان أن جعدة بنت الأشعث بن قيس كانت متزوجة بالحسن فدس اليها يزيد ان سمّي الحسن وأنا اتزوجك ففعلت فلما مات الحسن بعثت الى يزيد تسأله الوفاء بالوعد فقال لها : لم نرضك للحسن فكيف نرضاك لأنفسنا؟ وذكر مثله ابن حجر في (الصواعق) ص ٨٣ ـ ٨٤ وسبط ابن الجوزي في (تذكره الخواص) ص ١٢١ ناسبا ذلك الى ابن عبد البر والسدي م ص.