الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخا كبيرا لايستطيع السجود ، فأخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها ثم تفرق الناس من المسجد وقريش مسرورة بما سمعت. واتى جبرائيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله معاتبا على ذلك ، فحزن له حزنا شديدا. فانزل الله تعالى عليه معزيا له ومسليا (وما ارسلنا من قبلك) الآية. (الجواب) : قلنا أما الآية فلا دلالة في ظاهرها على هذه الخرافة التي قصوها وليس يقتضي الظاهر الا احد أمرين ، اما ان يريد بالتمني التلاوة كما قال حسان بن ثابت : تمنى كتاب الله اول ليله * وآخره لاقى حمام المقادر أو اريد بالتمني تمني القلب. فان أراد التلاوة ، كان المراد من ارسل قبلك من الرسل كان إذا تلا ما يؤديه إلى قومه حرفوا عليه وزادوا فيما يقوله ونقصوا ، كما فعلت اليهود في الكذب على نبيهم ، فأضاف ذلك إلى الشيطان لانه يقع بوسوسته وغروره. ثم بين ان الله تعالى يزيل ذلك ويدحضه بظهور حجته وينسخه ويحسم مادة الشبهة به. وانما خرجت الآية على هذا الوجه مخرج التسلية له صلى الله عليه وآله لما ذكب المشركون عليه ، واضافوا إلى تلاوته مدح الهتهم ما لم يكن فيها. وأن كان المراد تمني القلب ، فالوجه في الآية ان الشيطان متى تمنى النبي عليه السلام بقلبه بعض ما يتمناه من الامور ، يوسوس إليه بالباطل ويحدثه بالمعاصي ويغريه بها ويدعوه إليها. وأن الله تعالى ينسخ ذلك ويبطله بما يرشده إليه من مخالفة الشيطان وعصيانه وترك اسماع غروره. وأما الاحاديث المروية في هذا الباب فلا يلتفت إليها من حيث تضمنت ما قد نزهت العقول الرسل عليهم السلام عنه. هذا لو لم يكن في أنفسها مطعونة ضعيفة عند اصحاب الحديث بما يستغني عن ذكره. وكيف يجيز ذلك على النبي صلى الله عليه وآله من يسمع الله تعالى يقول : (كذلك لنثبت به فؤادك يعني القرآن. وقوله تعالى : (ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم