به علم ، وإن لم يقع منه ، وان يكون هو (ع) تعوذ من ذلك ، وان لم يواقعه. ألا ترى أن نبينا صلى الله عليه وآله قد نهى عن الشرك والكفر ، وإن لم يقعا منه ، في قوله تعالى : (لئن أشركت ليحبطن عملك). وانما سأل نوح عليه السلام نجاة ابنه باشتراط المصلحة لا على سبيل القطع. فلما بين الله تعالى ان المصلحة في غير نجاته ، لم يكن ذلك خارجا عما تضمنه السؤال. فأما قوله تعالى : (اني اعظك ان تكون من الجاهلين) ، فمعناه لئلا تكون منهم. ولا شك في ان وعظه تعالى هو الذي يصرفه عن الجهل وينزهه عن فعله. وهذا كله واضح.
تنزيه ابراهيم عليه السلام
فإن قال قائل : فما معنى قوله تعالى حاكيا عن ابراهيم عليه السلام : (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا احب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما افل قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الظالمين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قوم اني برئ مما تشركون) أو ليس ظاهر هذه الآية يقتضي انه عليه السلام كان يعتقد في وقت من الاوقات الالهية للكواكب ، وهذا مما قلتم انه لا يجوز على الانبياء عليهم السلام. (الجواب) : قيل له في هذه الآية جوابان : احدهما ان ابراهيم عليه السلام انما قال ذلك في زمان مهلة النظر ، وعند كمال عقله وحضور ما يوجب عليه النظر بقلبه وتحريك الدواعي على الفكر والتأمل له ، لان ابراهيم (ع) لم يخلق عارفا بالله تعالى ، وإنما اكتسب المعرفة لما اكمل الله تعالى عقله وخوفه من ترك النظر بالخواطر والدواعي ، فلما رأى الكواكب : وقد روي في التفسير أنه رأى الزهرة واعظمه ما رآها عليه من النور وعجيب الخلق ، وقد كان قومه يعبدون الكواكب ويزعمون انها آلهة. قال هذا ربي على سبيل الفكر والتأمل لذلك ، فلما غابت وأفلت وعلم ان الافول لا يجوز على الاله ، علم انها محدثة متغيرة منتقلة. وكذلك