أن الله تعالى هو الذي اختار أمير المؤمنين عليه السلام لنكاح سيدة النساء صلوات الله وسلامه عليها ، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) رد عنها جلة أصحابه وقد خطبوها وقال «صلى الله عليه وآله» : اني لم أزوج فاطمة عليا (عليه السلام) حتى زوجها الله إياه في سمائه ، ونحن نعلم أن الله سبحانه لا يختار لها من بين الخلائق من غيرها ويؤذيها ويغمها ، فإن ذلك من أدل دليل على كذب الراوي لهذا الخبر. وبعد ، فإن الشئ إنما يحمل على نضائره ويلحق بأمثاله ، وقد علم كل من سمع الاخبار أنه لم يعهد من أمير المؤمنين (عليه السلام) خلاف على الرسول ، ولا كان قط بحيث يكره على اختلاف الاحوال وتقلب الازمان وطول الصحبة ، ولا عاتبه (عليه السلام) على شئ من أفعاله ، مع أن أحدا من اصحابه لم يخل من عتاب على هفوة ونكير لاجل زلة ، فكيف خرق بهذا الفعل عادته وفارق سجيته وسنته لولا تخرص الاعداء وتعديهم. وبعد ، فأين كان أعداؤه (عليه السلام) من بني أمية وشيعتهم عن هذه الفرصة المنهزة؟ وكيف لم يجعلوها عنوانا لما يتخرصونه من العيوب والقروف؟ وكيف تحملوا الكذب وعدلوا عن الحق وفى علمنا بأن أحدا من الاعداء متقدما لم يذكر ذلك دليل على أنه باطل موضوع؟.
أبو محمد الحسن بن على عليهما السلام
الوجه في مسالمة الحسن لمعاوية. (مسألة :) فإن قال قائل : ما العذر له في خلع نفسه من الامامة وتسليمها إلى معاوية مع ظهور فجوره وبعده عن أسباب الامامة وتعريه من صفات مستحقها ، ثم في بيعته وأخذ عطائه وصلاته واظهار موالاته والقول بإمامته ، هذا مع وفور انصاره واجتماع أصحابه ومتابعيه من كان يبذل عنه دمه وماله ، حتى سموه مذل المؤمنين وعاتبوه في وجهه عليه السلام؟ (الجواب) : قلنا قد ثبت انه عليه السلام الامام المعصوم المؤيد الموفق بالحجج الظاهرة والادلة القاهرة ، فلابد من التسليم لجميع أفعاله وحملها على الصحة