وهذا يقتضي ان يكون قد اطاع الشيطان ونفذ فيه كيده ونزغه؟. (الجواب) : قلنا هذه الاضافة لا يقتضي ما تضمنه السؤال ، بل النزغ والقبيح كان منهم إليه لا منه إليهم. ويجري قول القائل : جرى بيني وبين فلان شر ، وإن كان من احدهما ولم يشتركا فيه. (مسألة) : فان قيل : فما معنى قوله عليه السلام للعزيز (اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم) وكيف يجوز ان يطلب الولاية من قبل الظالمين. (الجواب) : قلنا انما التمس تمكينه من خزائن الارض ليحكم فيها بالعدل وليصرفها إلى مستحقها ، وكان ذلك له من غير ولاية. وإنما سئل الولاية للتمكن من الحق الذي له ان يفعله. ولمن لا يتمكن من اقامة الحق أو الامر بالمعروف ان يتسبب إليه ويتصل إلى فعله ، فلا لوم في ذلك على يوسف عليه السلام ولا حرج.
أيوب عليه السلام
في أن ايوب عذب امتحانا ولم يعاقب : (مسألة) : فان قيل : فما قولكم في الامراض والمحن التي لحقت ايوب (ع) أو ليس قد نطق القرآن بأنها كانت جزاء على ذنب في قوله : (اني مسني الشيطان بنصب وعذاب) والعذاب لا يكون إلا جزاء كالعقاب والآلام الواقعة على سبيل الامتحان لا تسمى عذابا ولا عقابا ، أو ليس قد روى جميع المفسرين ان الله تعالى انما عاقبه بذلك البلاء لتركه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقصته مشهورة يطول شرحها؟. (الجواب) : قلنا : أما ظاهر القرآن فليس يدل على ان ايوب عليه السلام عوقب بما نزل به من المضار ، وليس في ظاهره شئ مما ظنه السائل ، لانه تعالى قال : (واذكر عبدنا ايوب إذ نادى ربه انى مسني الشيطان بنصب وعذاب) والنصب هو التعب ، وفيه لغتان بفتح النون والصاد ، وضم النون وتسكين الصاد. والتعب هو المضرة التي لا تختص بالعقاب ، وقد تكون على سبيل الامتحان والاختبار. وأما العذاب فهو ايضا يجري مجرى المضار التى يختص اطلاق ذكرها بجهة دون جهة. ولهذا يقال للظالم