صالح ، لانه قد وقع من نوح (ع) السؤال والرغبة في قوله : رب إن ابني من اهلي وان وعدك الحق ، ومعنى ذلك نجه كما نجيته. قلنا ليس يجب ان تكون الهاء في قوله ان عمل غير صالح ، راجعة إلى السؤال بل إلى الابن يكون تقدير الكلام : ان ابنك ذو عمل غير صالح ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ويشهد لصحة هذا التأويل ، قول الخنساء : ما ام سقب على بو تطيف به * قد ساعدتها على التحنان اظئار ترتع ما رتعت حتى إذا ذكرت * فانما هي اقبال وادبار وإنما اراد انها ذات إقبال وذات إدبار ، وقد قال قوم في هذا الوجه : ان المعنى في قوله : إنه عمل غير صالح ، أن اصله عمل غير صالح من حيث ولد على فراشه وليس بإبنه. وهذا جواب من يرى انه لم يكن ابنه على الحقيقة. والذي اخترناه خلاف ذلك ، وقد قرئت هذه الآية بنصب اللام وكسر الميم ونصب غير ، ومع هذه القراءة لا شبهة في رجوع معنى الكلام إلى الابن دون سؤال نوح (ع) ، وقد ضعف قوم هذه القراءة فقالوا : كان يجب ان يقول انه عمل عملا غير صالح ، لان العرب لا تكاد تقول هو يعمل غير حسن ، حتى يقولوا عملا غير حسن. وليس هذا الوجه بضعيف ، لان من مذهبهم الظاهر أقامة الصفة مقام الموصوف عند انكشاف المعنى وزوال اللبس. فيقول القائل : قد فعلت صوابا وقلت حسنا ، بمعنى فعلت فعلا صوابا وقلت قولا حسنا. وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي؟. ايها القائل غير الصواب؟ أخر النصح واقلل عتابي وقال أيضا : وكم من قتيل ما يباء به دم * ومن علق رهنا إذا لفه الدما ومن مالي عينيه من شئ غيره * إذا راح نحو الحمرة البيض كالدما أرادوكم من انسان قتيل. وقال رجل من بجيلة : كم من ضعيف العقل منتكث القوى * ما ان له نقض ولا ابرام أرادكم من انسان ضعيف العقل والقوى. فإن قيل : لو كان الامر على ما ذكرتم فلم قال الله تعالى : (فلا تسألني ما ليس لك به علم اني أعظك ان تكون من الجاهلين) فكيف قال نوح عليه السلام من بعد : (رب اني أعوذ بك ان اسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين). قلنا ليس يمتنع أن يكون نوح (ع) نهى عن سؤال ما ليس له