منه الظفر والنصر. ويشهد بأن المراد بالآية ما ذكرناه قوله تعالى : (وينصرك الله نصرا عزيزا). فإن قيل : ليس يعرف اضافة المصدر إلى المفعول إلا إذا كان المصدر متعديا بنفسه ، مثل قولهم : اعجبني ضرب زيد عمرا. واضافة مصدر غير متعد إلى مفعوله غير معروفة. قلنا : هذا تحكم في اللسان وعلى أهله لانهم في كتب العربية كلها اطلقوا ان المصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول معا ، ولم يستثنوا متعديا من غيره ، ولو كان بينهما فرق لبينوه وفصلوه كما فعلوا في غيره وليس قلة الاستعمال معتبرة في هذا الباب لان الكلام إذا كان له أصل في العربية استعمل عليه ، وان كان قليل الاستعمال. وبعد فإن ذنبهم ههنا إليه انما هو صدهم له عن المسجد الحرام ومنعهم اياه عن دخوله ، فمعنى الذنب متعد ، وإذا كان معنى المصدر متعديا جاز أن يجري ما يتعدى بلفظه ، فإن من عادتهم ان يحملوا الكلام تارة على معناه وأخرى على لفظه ، ألا ترى إلى قول الشاعر : جئني بمثل بني بدر لقومهم * أو مثل اخوة منظور بن سيار فاعمل الكلام على المعنى دون اللفظ ، لانه لو أعمله على اللفظ دون المعنى لقال : أو مثل : بالجر ، لكنه لما كان معنى ، جئني احضر ، أو هات قوما مثلهم. حسن ان يقول أو مثل بالفتح ، وقال الشاعر : درست وغير آيهن مع البلى * الا رواكد جمرهن هباء ومشجج اما سوار قذى له * فبدا وغيب سارة المعزاء فقال : ومشجج بالرفع اعمالا للمعنى ، لانه لما كان معنى قوله الا رواكد أنهن باقيات ثابتات عطف على ذلك المشجج بالرفع. ولو اجرى الكلام على لفظه لنصب المعطوف به أو امثله هذا المعنى كثير. وفيما ذكرناه كفاية بمشيئة الله تعالى. تنزيه سيدنا محمد عن المعاتبة في أمر الاعمى : (مسألة) : فإن قيل : أليس قد عاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله في إعراضه عن ابن ام مكتوم لما جاءه واقبل على غيره بقوله : (عبس وتولى أن جاءه الاعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى). وهذا ايسر ما فيه ان يكون صغيرا. (الجواب) : قلنا : أما ظاهر الآية