ان يكون أصلا ومعتبرا فيمن علم منه الخروج ولم يعلم تاريخ ما نقل عنه. على أن قيسا لو سلم من هذا القدح كان مطعونا فيه من وجه آخر ، وهو أن قيس بن ابي حازم كان مشهورا بالنصب والمعاداة لامير المؤمنين صلاة الله وسلامه عليه والانحراف عنه ، وهو الذي قال : رأيت علي بن أبي طالب (ع) على منبر الكوفة يقول : انفروا إلى بقية الاحزاب ، فابغضته حتى اليوم في قلبي. إلى غير ذلك من تصريحه بالمناصبة والمعاداة. وهذا قادح لا شك في عدالته. على ان للخبر وجها صحيحا يجوز ان يكون محمولا عليه إذا صح ، لان الرؤية قد تكون بمعنى العلم ، وهذا ظاهر في اللغة ويدل عليه قوله تعالى : (الم تر كيف فعل ربك بعاد) ، وقوله : (الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل). وقوله تعالى : (اولم ير الانسان انا خلقناه من نطفة). وقال الشاعر : رأيت الله إذ سمى نزارا * واسكنهم بمكة قاطنينا فيجوز ان يكون معنى الخبر على هذا «انكم تعلمون ربكم علما ضروريا كما تعلمون القمر ليلة البدر من غير مشقة ولا كد» نظر. وليس لاحد ان يقول ان الرؤية إذا كانت بمعنى العلم تعدت إلى مفعولين لا يجوز الاقتصار على احدهما على مذهب أهل اللسان ، والرؤية بالبصر تتعدى إلى مفعول واحد ، فيجب ان يحمل الخبر مع فقد المفعول الثاني على الرؤية بالبصر ، وذلك أن العلم عند أهل اللغة على ضربين : علم يقين ومعرفة. والضرب الآخر يكون بمعنى الظن والحسبان. والذي هو بمعنى البصر لا يتعدى إلى اكثر من مفعول واحد. ولهذا يقولون علمت زيدا بمعنى عرفته وتيقنته ، ولا يأتون بمفعول ثان وإذا كان بمعنى الظن احتاج إلى المفعول الثاني ، وقد قيل ليس يمتنع ان يكون المفعول الثاني في الخبر محذوفا يدل الكلام عليه ، وإن لم يكن مصرحا به. فان قيل : يجب على تأويلكم هذا ان يساوى أهل النار اهل الجنة في هذا الحكم الذي هو المعرقة الضرورية بالله تعالى ، لان معارف جميع أهل الآخرة عندكم لا تكون الا اضطرارا.