من إنتزاع جميع ما في يد معاويه من أموال الله تعالى وأخرج هو شيئا منها إليه على سبيل الصلة ، فواجب عليه أن يتناوله من يده ويأخذ منه حقه ويقسمه على مستحقه لان التصرف في ذلك المال بحق الولاية عليه لم يكن في تلك الحال إلا له ، وليس لاحد أن يقول أن الصلات التى كان يقبلها من معاوية إنما كان ينفقها على نفسه وعياله ، ولا يخرجها إلى غيره وذلك ان هذا مما لا يمكن أحد أن يدعي العلم به والقطع عليه ولا شك أنه عليه السلام كان ينفق منها لان فيها حقه وحق عياله وأهله ، ولا بد من أن يكون قد أخرج منها إلى المستحقين حقوقهم وكيف يظهر ذلك وهو عليه السلام كان قاصدا إلى إخفائه ستره لمكان التقية ، والمحوج إليه إلى قبول تلك الاموال على سبيل الصلة هو المحوج له إلى ستر اخراجها واخراج بعضها إلى مستحقها من المسلمين. وقد كان عليه السلام يتصدق بكثير من أمواله ويواسي الفقراء ويصل المحتاجين. ولعل في جملة ذلك هذه الحقوق.
فأما اظهاره (عليه السلام) موالاته
فما أظهر عليه السلام من ذلك شيئا كما لم يبطنه. وكلامه فيه بمشهد معاوية ومغيبه معروف ظاهر يشهد بذم معاوية ومعائبه ، ولو فعل ذلك خوفا واستصلاحا وتلافيا للشر العظيم لكان واجبا ، فقد فعل أبوه عليه السلام مثله مع المتقدمين عليه واعجب من هذا كله دعوى القول بإمامته ومعلوم ضرورة منه (عليه السلام) خلاف ذلك ، وأنه كان يعتقد ويصرح بأن معاوية لا يصلح أن يكون بعض ولاة الامام ولا تباعه فضلا عن الامامة نفسها ، وليس يظن مثل هذه الامور الا عامي حشوي قد قعد به التقليد. وما سبق إلى اعتقاده من تصويب القوم كلهم عن التأمل وسماع الاخبار المأثورة في هذا الباب فهو لا يسمع إلا بما يوافقه. وإذا سمع لم يصدق إلا بما اعجبه والله المستعان.