فقال تعالى قد سلطتك على جسده كله الا قلبه وبصره ، قال فاتاه فنفخه من لدن قرنه على قدمه فصار قرحة واحدة ، فقذف على كناسة لبني اسرائيل سبع سنين وأشهرا تختلف الدواب على جسده ، إلى شرح طويل نصون كتابنا عن ذكر تفصيله ، فمن يقبل عقله هذا الجهل والكفر كيف يوثق بروايته ، ومن لا يعلم ان الله تعالى لا يسلط ابليس على خلقه ، وان ابليس لا يقدر على ان يقرح الاجساد ولا يفعل الامراض كيف يعتمد روايته؟. فأما هذه الامراض العظيمة النازلة بأيوب عليه السلام فلم تكن إلا اختبارا وامتحانا وتعريضا للثواب بالصبر عليها والعوض العظيم النفيس في مقابلتها ، وهذه سنة الله تعالى في اصفيائه واوليائه عليهم السلام. فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وآله انه قال وقد سئل أي الناس اشد بلاء فقال : «الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل من الناس» فنظهر من صبره (ع) على محنته وتماسكه ما صار به إلى الآن مثلا ، حتى روي انه كان في خلال ذلك كله صابرا شاكرا محتسبا ناطقا بما له فيه المنفعة والفايدة ، وأنه ما سمعت له شكوى ولا تفوه بتضجر ولا تبرم ، فعوضه الله تعالى مع نعيم الآخرة العظيم الدائم ان رد عليه ماله وأهله وضاعف عددهم في قوله تعالى : (وآتيناه اهله ومثلهم معهم) وفي سورة ص (ووهبنا له اهله ومثلهم معهم) ، ثم مسح ما به من العلل وشفاه وعافاه وأمره على ما وردت به الرواية ، بأن اركض برجلك الارض فظهرت له عين فاغتسل منها فتساقط ما كان على جسده من الداء. قال الله تعالى : (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) والركض هو التحريك ومنه ركضت الدابة. فان قيل ، افتصححون ما روي ان الجذام اصابه حتى تساقطت أعضاؤه؟. قلنا : ان العمل المستقذرة التي ينفر من رآها وتوحشه كالبرص والجذام فلا يجوز شئ منها على الانبياء عليهم السلام لما تقدم ذكره في صدر هذا الكتاب ، لان النفور ليس بواقف على الامور القبيحة ، بل قد