الرابعة فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السّماء الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السّماء السّادسة فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السابعة. فقالوا له مثل ذلك وكلّ سماء فيها أنبياء قد سمّاهم ، فوعيت منهم إدريس في الثانية ، وهارون وعيسى في الرابعة ، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السّادسة ، وموسى في السابعة عليهم الصّلاة والسلام بتفصيل كلام الله تعالى. فقال موسى : رب لم أظن أن ترفع عليّ أحدا.
ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلّا الله تعالى حتى جاء سدرة المنتهى ، فأوحى الله إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمتك في كل يوم وليلة ، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال : ما ذا عهد إليك ربك؟ قال : عهد إليّ خمسين صلاة كل يوم وليلة قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم. فالتفت النبي صلىاللهعليهوسلم إلى جبريل عليهالسلام كأنه يستشير في ذلك ، فأشار جبريل له أن نعم إن شئت [قال](١) فعلا به إلى الجبار تبارك وتعالى قال : وهو مكانه يا ربّ خفّف عنا فإن أمتي لا تستطيع ذلك ، فوضع عنه عشر صلوات ، ثم رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردده موسى إلى ربه عزوجل حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه موسى عند الخمس قال : يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذه الخمس فضعفوا وتركوه ، وإن أمتك أضعف أجسادا وقلوبا وآذانا وأسماعا وأبصارا ، فارجع فليخفّف عنك ربّك كل ذلك يلتفت النبي صلىاللهعليهوسلم إلى جبريل عليهالسلام فيشير عليه فلا يكره ذاك جبريل فرجع عند الخامسة فقال : يا رب إنّ أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وآذانهم وأبصارهم وأسماعهم فخفّف عنا. قال الجبار : يا محمد ، قال : لبيك وسعديك قال : إنّه لا يبدل القول لديّ كما فرضت عليك في أم الكتاب. قال : كل حسنة بعشر (٢) أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب ، وهي خمس عليك فرجع إلى موسى فقال : كيف فعلت؟ قال : خفّف عنا ، أعطانا بكل حسنة عشرا أمثالها ، قال موسى : قد والله أردت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ، ارجع إلى ربك فليخفف أيضا عنك. قال النبي صلىاللهعليهوسلم : قد والله استحييت من ربي فيما أختلف إليه ، قال فأهبط باسم الله ، فاستيقظ وهو في المسجد الحرام انتهى [٧٨٩].
__________________
(١) سقطت من الأصل واستدركت عن هامش الأصل ، وبجانبها علامة صح.
(٢) بالأصل وخع : «بعشرة» والصواب ما أثبت.