وأمّا حديث شريك :
فأخبرناه عاليا أبو غانم محمد بن علي بن عبد الصّمد بن علي بن محمد بن المأمون الهاشمي ، وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا ، قالا : أنبأنا أبو الغنائم عبد الصّمد بن علي بن محمد بن المأمون ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني ، أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد بن محمود بن محمد الواسطي ، أنبأنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السّلمي ، أنبأنا عبد العزيز بن بلال ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه قال : سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله صلىاللهعليهوسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم : هو هو فقال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال أحدهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك الليلة ، فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عيناه ولا ينام قلبه ـ وكذلك الأنبياء عليهم [الصلاة والسلام](١) تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ـ فلم يكلّموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم جبريل ، فشقّ جبريل عليهالسلام ما بين نحره إلى لبّته حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله بماء زمزم بيده ، حتى أنقى جوفه ثم أتى بطشت من ذهب فيه نور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره وأساريره ، وعرج به إلى السّماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السّماء : من هذا؟ قال : جبريل. قال : من معك؟ قال : معي محمد. قالوا : أوقد بعث. قال : نعم قالوا : مرحبا به وسهلا سيبشر به أهل السماء ، لا يعلم أهل السّماء ما يريد الله تعالى به في الأرض حتى يعلمهم ، فوجد في السّماء الدنيا آدم فقال له جبريل : هذا أبوك آدم فسلّم عليه ، فسلّم عليه فردّ عليه آدم وقال : مرحبا بابني نعم الابن أنت. فإذا هو في السّماء بنهرين يطردان فقال : ما هذان النهران يا جبريل؟ قال : النيل والفرات ثم مضى به إلى السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر قال : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الكوثر الذي حيا لك ربك.
ثم عرج به إلى السّماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت له الأولى والثانية ، ثم عرج به إلى الثالثة فقالت الملائكة مثل ما قالت الأولى والثانية ، ثم عرج به إلى السّماء
__________________
(١) زيادة عن خع ، سقطت من الأصل.