وقيل : إنّها « لو » المصدرية أغنت عن فعل التمنّي ، ومن أوجهها أن يكون للعرض نحو : لو تنزل
عندنا فتصيب خيراً.
« المشيئة » : الإرادة وقد شئت الشيء أشاؤه ، ويقال : كلّ شيء بمشيئة اللّه ـ بكسر الشين ـ كشيعة ، أي بإرادته.
وعن الأصمعي : شيأت الرجل على الأمر : حملته عليه.
قال الراغب : والمشيئة عند أكثر المتكلّمين كالإرادة سواء ، وعند بعضهم أنّ المشيئة في الأصل إيجاد الشيء وإصابته ، وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الإرادة فالمشيئة من اللّه تعالى هي الإيجاد ، ومن الناس الإصابة ، قال : والمشيئة من اللّه تقضي وجود الشيء ، ولذلك قيل : « ما شاء اللّه كان ومالم يشأ لم يكن » والإرادة منه لاتقتضي وجود المراد لا محالة ، ألا ترى أنّه قال : ( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر ) (١) وقال : ( وَمَا اللّهُ يُريدُ ظُلْماً لِلْعِباد ) (٢). ومعلوم أنّه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس ، قالوا : ومن الفرق بينهما أنّ إرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدّمها إرادة اللّه ، فإنّ الإنسان قد يريد أن لا يموت ويأبى اللّه ذلك ، ومشيئته لا تكون إلاّ بعد مشيئته ، لقوله تعالى : ( وَما تَشاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ ) (٣).
وروي أنّه لمّا نزل قوله : ( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيم ) (٤) ، قال الكفّار : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم ، فأنزل اللّه تعالى : ( وَما تَشاءُونَ إِلاّ أنْ يَشاءَ اللّهُ ).
وقال بعضهم : لولا أنّ الأُمور كلّها موقوفة على مشيئة اللّه وأنّ أفعالنا معلّقة
__________________
١ ـ البقرة : ١٨٥.
٢ ـ غافر : ٣١.
٣ ـ الإنسان : ٣٠ ، والتكوير : ٢٩.
٤ ـ التكوير : ٢٨.