ارتجاله في إنشاء الشعر
روى أبو الفرج الاصبهاني : كان السيد يأتي الأعمش فيكتب عنه فضائل علي « رضي اللّه عنه » ويخرج من عنده ، ويقول في تلك المعاني شعراً ، فخرج ذات يوم من عند بعض أُمراء الكوفة وقد حمله على فرس وخلع عليه ، فوقف بالكُناسة ، ثمّ قال : يا معشر الكوفيّين ، من جاءني منكم بفضيلة لعلي بن أبي طالب لم أقل فيها شعراً أعطيته فرسي هذا وما عليَّ. فجعلوا يحدّثونه وينشدهم ، حتى أتاه رجل منهم ، وقال : إنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب « رضي اللّه تعالى عنه » عزم على الركوب ، فلبس ثيابه وأراد لُبس الخُفّ فلبس أحد خُفّيه ، ثمّ أهوى إلى الآخر ليأخذه فانقضّ عقاب من السماء فحلّق به ثمّ ألقاه فسقط منه أسود وانساب فدخل حُجراً ، فلبس عليّ رضي اللّه عنه الخُفّ قال : ولم يكن قال في ذلك شيئاً ، ففكّر هنيهة ، ثمّ قال :
ألا يا قوم للعجب العجاب |
|
لخُفّ أبي الحسين وللحُبابِ |
أتى خُفّاً له وانساب فيه |
|
لينْهش رجله منه بنابِ |
فخرّمن السماء له عُقاب |
|
من العِقْبان أو شبه العقابِ |
فطار به فحلّق ثمّ أهوى |
|
به للأرض من دون السّحابِ |
إلى جُحر له فانساب فيه |
|
بعيد القعر لم يُرتج ببابِ |
كريهُ الوجه اسودُ ذو بصيص |
|
حديدُ النّاب أزرق ذو لُعابِ |
ودوفِع عن أبي حسن عليٍّ |
|
نقيعُ سمامه بعد انسيابِ (١) |
__________________
١ ـ الأغاني : ٧ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.