ضميراً راجعاً إلى الحوض.
وباعتبار الإعراب في المحل وعدمه يحتمل الاحتمالين الماضيين ، ويكون الظّرف إمّا لغواً إن كانت « من » للتعليل أو الابتداء ، أو مستقرّاً حالاً عن الضمير إن كانت للتبعيض.
ويحتمله أيضاً إذا كانت للابتداء وكونها بمعنى على غير محتمل هنا ، وحينئذ فقوله : « كوثر » خبر مبتدأ محذوف ، أي « هو » أي الحوض كوثر.
وهذه الجملة أيضاً لها الاحتمالان المذكوران ، واحتمال هذين الوجهين ، أعني كون المصراع جملة واحدة أو جملتين ؛ لاحتمال كون الحوض هو الكوثر.
واحتمال أن يكون غيره ، فإنّ النّاس قد اختلفوا في ذلك ، أمّا دليل الاتّحاد : فبعض الأخبار.
فقد روي عن أنس بن مالك قال : بينا رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ اغفى إغفاءة ، ثمّ رفع رأسه متبسماً ، فقلنا : ما يضحكك يا رسول اللّه؟ قال : أنزلت عليّ آنفاً سورة ، فقرأ : ( بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم * إِنّا أَعْطَيْناكَ الكَوثَر * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر * إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر ) (١) ثمّ قال : أتدرون ما الكوثر؟ قلنا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإنّه نهرٌ وعدنيه رَبّي عزّ وجلّ عليه خيرٌ كثير ؛ هو حوضٌ ترد عليه أُمّتي يوم القيامة آنيتة عدد نجوم السّماء فيختلج العبد منهم فأقول : ربّ إنّه من أُمّتي ، فيقول ما تدري ما أحدث بعدك. (٢)
وقد روى فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره قال : حدّثني عبيد بن كثير معنعناً عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه. والصّدوق أبو جعفر ابن بابويه رحمهالله في « الخصال » مسنداً عنه صلوات اللّه عليه قال : أنا مع
__________________
١ ـ سورة الكوثر.
٢ ـ تفسير القرطبي : ٢ / ٢١٧.