القوانين البيانيّة.
ويفثّ ما أمكن فيها من المحتملات وإن كانت بعيدة ، وما يصحّ على رأي وإن كان من الآراء الشريدة. ويلثُّ على ما لابد ّمنه في فهمها ولا يتعدّاه ، ولا يملّ الناظر بما منه بدّ من الفضول ولا يتحدّاه ، وقد ألَثُّوا في ذلك غاية الإلثاث ، وأبثُّوا إليه ما لا يطاق من اللهاث لما ورد في شأنها ، فمازت به عن أقرانها من الرواية عن قطب الأرض وثامن أركانها ، إمام كافّة إنسها وجانّها ـ صلوات اللّه عليه وعلى أئمّة الأُمّة ، وتيجانها ما دامت الأفلاك في دورانها ، وما كانت الأُمّهات تتقلّب في أكوانها.
وستطّلع عن قريب على تبيانها ، وكنت ما نشبت أتلعثم فيه وأُلَثْلِثُ (١) ، وعلى الإحجام عن الإقدام عليه أُغثغث ، وكنت ربّما أحثحثُ شفتي بمضّ وأُمثمث (٢) ، وربّما أُعثعث رأسي للإجابة ، وعلى الامتناع أُعثعث السلام لما رأيته « أثْقَل من مُجْذَى ابن رُكانة » (٣) ، وأُولي النفائس والعرائس الضَّنانة ، مع اشتغالي بما أُحصيه من الأشغال ، وانحصاري فيها بحيث لم يبق لي مجال للتجوال ، وأعظمها وأهمّها وأشغلها للأوقات وأعمّها ، ما أُعلِّقه على « الروضة البهيّة في شرح اللمعة
__________________
١ ـ اللَّثْلَثَةُ : الضَّعْفُ والجيش والتردُّد في الأمر كالتَّلَثلث وعدم إبانة الكلام ( مجد الدين الفيروز آبادي : القاموس المحيط « اللَّثُّ » ).
٢ ـ الحثحثة : الحركة المُتداركة.
ومثّ يده وأصابعه بالمنديل أو بالحشيش ونحو مَثّاً : مسحها. لغة في مَشَّ. وقيل : كلّ ما مسحته فقد مَثَثْتَهُ مَثّاً. ( لسان العرب : « حثث » ، « مثث » ).
٣ ـ من الأمثال ، جاء في « الفائق في غريب الحديث : للعلامة جار اللّه محمود بن عمر الزمخشري : ج ٢ / ٢٣ ( باب ـ ربع ) وقال بعده : والتجاذي تفاعُل من الإجذاء ، أي يُجذي المهراس بعضهم مع بعض ، هذا ثمّ هذا. ومنه حديث ابن عباس ( رض ) : انّه مرّ بقوم يتجاذون حجراً ـ وروى يُجْذُون ـ ، فقال : عمّال اللّه أقوى من هؤلاء.