فيهم فإنهم ينظرون إليّ شزرا ويقولون : سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ ، ولقد شرفت الآن بكم وعظمت في العيون حيث علم الناس أنكم إخوتي وأني من حفدة إبراهيم. عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه أخذ يوم الفتح بعضادتي باب الكعبة فقال لقريش : ما ترونني فاعلا بكم؟ قالوا : نظن خيرا أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت. فقال صلىاللهعليهوسلم : أقول ما قال أخي يوسف (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ). قال عطاء الخراساني : طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها إلى الشيوخ ، ألا ترى إلى قول يوسف لإخوته (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) وقول يعقوب : (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ) ولما عرفهم يوسف نفسه سألهم عن أبيهم فقالوا ذهبت عيناه فقال : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) كقولك جاء البنيان محكما ومثله (فَارْتَدَّ بَصِيراً) أو المراد يأت إلي وهو بصير دليله قوله : (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) قيل : هو القميص المتوارث الذي كان في تعويذ يوسف وكان من الجنة أوحى الله إليه أن فيه عافية كل مبتلي وشفاء كل سقيم. وقالت الحكماء : لعله علم أن أباه ما كان أعمى وإنما صار ضعيف البصر من كثرة البكاء فإذا ألقى عليه قميصه صار منشرح الصدر فتقوى روحه ويزول ضعفه. روي أن يهوذا حمل القميص وقال : أنا أحزنته بحمل القميص ملطوخا بالدم فأفرحه كما أحزنته ، فحمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان وبينهما مسيرة ثمانين فرسخا. عن الكلبي : كان أهله نحوا من سبعين إنسانا. وقال مسروق : دخل قوم يوسف مصر وهم ثلاثة وتسعون من بين رجل وامرأة وخرجوا منها مع موسى ومقاتلتهم نحو من ستمائة ألف.
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ) خرجت من عريش مصر فصل من البلد فصولا انفصل منه وجاوز حيطانه ، وفصل مني إليه كتاب إذا نفذ وإذا كان فصل متعديا كان مصدره الفصل (قالَ أَبُوهُمْ) لمن حوله من قومه (إِنِّي لَأَجِدُ) بحاسة الشم (رِيحَ يُوسُفَ) قال مجاهد : هبت ريح فصفقت القميص ففاحت رائحة الجنة في الدنيا فعلم يعقوب أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص. قال أهل التحقيق : إن الله تعالى أوصل إليه ريح يوسف عند انقضاء مدة المحنة ومجيء أوان الروح والفرح من مسيرة ثمان ، ومنع من وصول خبره إليه مع قرب البلدين في مدة ثمانين سنة أو أربعين عند الأكثرين وكلاهما معجزة ليعقوب خارقة للعادة ، وذلك يدل على أن كل سهل فهو في زمان المحنة صعب وكل صعب فإنه في زمان الإقبال سهل. وقوله : (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) جوابه محذوف أي لو لا تفنيدكم إياي لصدّقتموني. والتفنيد النسبة إلى الفند وهو الخرف وتغير العقل من هرم يقال : شيخ مفند ولا يقال عجوز مفندة لأنها لم تكن ذات رأي فتفند في الكبر. (قالُوا)