يوبخ ويبكت بأمر الله من الأنبياء والمؤمنين ، أو أراد أنهم يحبسون في المواقف وتعرض أعمالهم على الرب. قال مجاهد : الأشهاد الملائكة الحفظة. وقال قتادة : هم الناس كما يقال على رؤوس الأشهاد أي الناس. وقيل : هم الأنبياء لقوله : (وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف : ٦] والأشهاد إما جمع شاهد كصاحب وأصحاب ، أو جمع شهيد كشريف وأشراف. قال أبو علي : وهذا أرجح لكثرة ورود شهيد في القرآن (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة : ١٤٣] (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء : ٤١] والفائدة في اعتبار قول الأشهاد المبالغة في إظهار الفضيحة. وباقي الآية قد مر تفسير مثلها في «الأعراف». (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي لم يكن يمكنهم أن يهربوا من عذابنا لأنه سبحانه قادر على جميع الممكنات ولا تتفاوت قدرته بالنسبة إلى القريب والبعيد والضعيف والقوي. (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) تنصرهم وتمنعهم من عقابه. جمع تعالى بين ما يرجع إليهم وبين ما يرجع إلى غيرهم وبين بذلك انقطاع حيلهم في الخلاص من عذاب الدنيا ومن عذاب الآخرة. وقيل : هذا من كلام الأشهاد والمراد أنه تعالى لو شاء عقابهم في الدنيا لعاقبهم ولكنه أراد إنظارهم وتأخيرهم إلى هذا اليوم (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) من قبل الكفر والصد أي الضلال والإضلال. (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) يريد ما هم عليه في الدنيا من صمم القلوب وعمى البصائر. ثم إن الأشاعرة قالوا : إن ذلك بتخليق الله تعالى حيث صيرهم عاجزين ممتنعين عن الوقوف على دلائل الحق ، ويوافقه ما روي عن ابن عباس أنه قال : إنه تعالى منع الكافرين من الإيمان في الدنيا وذلك قوله : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ) الآية. وفي الآخرة كما قال : (يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) [القلم : ٤٢]. وقالت المعتزلة : المراد استثقالهم لاستماع الحق ونفورهم عنه كقول القائل : هذا الكلام مما لا أستطيع أن أسمعه ، وهذا الشخص لا أستطيع أن أبصره. والمراد بالأولياء الأصنام كأنه قال : الذي سموه أولياء ليسوا في الحقيقة بأولياء. ثم نفى كونهم أولياء بأنهم لا يسمعون ولا يبصرون فكيف يصلحون للولاية؟ وعلى هذا يكون قوله : (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) اعتراضا بوعيد. واعلم أنه سبحانه وصف الكفار في هذه الآيات بصفات كثيرة. الأولى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى) الثانية (أُولئِكَ يُعْرَضُونَ) أي في موقف الذل والهوان. الثالثة بيان الخزي والفضيحة في قوله : (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ) الرابعة اللعنة عليهم. الخامسة الصد عن سبيل الله. السادسة سعيهم في إلقاء الشبهات وذلك قوله : (وَيَبْغُونَها عِوَجاً). السابعة كونهم كافرين بالآخرة. الثامنة كونهم عاجزين عن الفرار (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا). التاسعة (وَما كانَ لَهُمْ