في النكاح. وروي أنه حبس عنهم القطر بشؤم التكذيب ثلاث سنين وأعقم نساؤهم فوعدوا أنهم إن آمنوا أحيا الله بلادهم ورزقهم المال والولد. والمدرار الكثير الدر كما مر في أول «الأنعام». عن الحسن بن علي رضياللهعنه أنه وفد على معاوية فلما خرج تبعه بعض حجابه فقال : إني رجل ذو مال لا يولد لي فقال : عليك بالاستغفار. فكان يكثر الاستغفار حتى إنه ربما استغفر في يوم واحد سبعمائة مرة فولد له عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال : هلا سألته مم قال ذلك؟ فوفد وفدة أخرى فسأله الرجل فقال : ألم تسمع قول هود (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) وقول نوح (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) [نوح : ١٢] ثم قال هود (لا تَتَوَلَّوْا) أي لا تعرضوا عما أدعوكم إليه (مُجْرِمِينَ) مصرين على الإجرام والآثام. فجحدوا هودا وقالوا ما جئتنا ببينة كما قالت قريش لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) [الرعد : ٢٧] ولم يشتهر منه معجزة ولكن العلماء قالوا : إظهار الدعوة مع أولئك الأقوام من غير مبالاة وتوان آية من الآيات. وقوله : (عَنْ قَوْلِكَ) حال من الضمير كأنه قيل : وما نترك آلهتنا صادرين عن قولك (وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) لا يصدق مثلنا مثلك أبدا. ثم زعموا أن بعض آلهتهم اعتراه بسوء أي غشيه وأورثه الخبل والجنون لأنه كان يسب آلهتهم وذلك قولهم : (إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ) وإلا لغو أي ما نقول شيئا إلا هذا القول فمن ثم يتكلم بكلام المجانين. والمراد أن الأصنام كافأته على سوء فعله بسوء الجزاء فأظهر نبي الله الجلادة والثقة بالله فيما هو بصدده وتبرأ منهم ومن شركهم فأشهد الله وذلك إشهاد صحيح ، وأشهدهم أيضا وهذا كالتهاون وقلة المبالاة بهم كقول الرجل لمن نوى قطعه بالكلية : اشهد عليّ أني لا أحبك تهكما به. وقد مر قوله : (فَكِيدُونِي) الآية في آخر سورة الأعراف. وقوله : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) تمثيل لغاية التسخير ونهاية التدليل ، وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمن عليه جزوا ناصيته فكان علامة لقهره. قالت المعتزلة : هذا دليل التوحيد لدلالته على أنه لا مالك إلا هو. وقوله (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) دليل العدل. والأشاعرة قالوا : معناه معنى (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) [الفجر : ١٤] أي لا يخفى عليه شيء ولا يفوته هارب (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) كقول القائل إن أكرمتني الآن فقد أكرمتك فيما مضى. والمراد فإن تتولوا فأنا غير معاتب ولا مقصر لأني قد قضيت حق الرسالة. وفي قوله : (وَيَسْتَخْلِفُ) إشارة إلى عذاب الاستئصال وأنه يخلق بعدهم من هو أطوع منهم وأنه لا ينقص من ملكه شيئا (إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) يحفظ أعمال العباد حتى يجازيهم عليها ، أو يحفظني من شرككم وكيدكم ، أو يحفظني من الهلاك (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) قيل : كانوا أربعة آلاف