وهرب. فلما أصبح النبي صلىاللهعليهوسلم دعا به فأعلم بشأنه فقال صلىاللهعليهوسلم : اللهم اقطع يديها فرفعت سودة يديه تتوقع الإجابة وأن يقطع الله يديها قال النبي صلىاللهعليهوسلم : إني سألت الله أن يجعل لعنتي ودعائي على من لا يستحق من أهلي رحمة لأني بشر أغضب كما يغضب البشر فلترد سودة يديها. (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) يستعجل بالعذاب مع أنه آتيه أو يتسرع إلى طلبه كل ما يقع في قلبه ويخطر بباله معتقدا أن خيره فيه وإن كان ذلك عند التأمل مضرا له. وقيل : أراد بهذا الإنسان آدم ، وذلك أنه لما انتهى الروح إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى فذهب لينهض فلم يقدر. وليس هذا القول بالحقيقة مغايرا للأول لأن أصل الآدمي إذا كان كذلك كان كل فرد منه متصفا به لا محالة. قال أهل النظم : لما ذكر نعمة الدين وهو القرآن أردفها بنعمة الدنيا فقال : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) وفيه أن القرآن لا يتم المقصود منه إلا بنوعية المحكم والمتشابه ، فكذا الزمان لا يكمل الانتفاع به إلا بجزئيه الليل والنهار. فالمحكم كالنهار في وضوحه ، والمتشابه بمنزلة الليل في خفائه. وبوجه آخر لما ذكر دلائل النبوة والتوحيد أكدها بدليل آخر من عجائب الزمان. وبوجه آخر لما وصف الإنسان بكونه عجولا أي منتقلا من حالة إلى حالة ومن صفة إلى صفة بين أن كل أحوال هذا العالم كذلك فينتقل الهواء من الإنارة إلى الظلام وبالعكس ، وينتقل القمر من النقصان إلى الامتلاء وبالضد. (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) هي من إضافة الشيء إلى نفسه للبيان كقولك «نفس الشيء أو ذاته» أي فمحونا الآية التي هي الليل أي جعلنا الليل ممحوّ الضوء مطموسا مظلما لا يستبان فيه شيء كما لا يستبان ما في اللوح الممحو (وَجَعَلْنَا) الآية. التي هي (النَّهارِ مُبْصِرَةً) ذات إبصار وذلك باعتبار من فيها أي تبصر فيها الأشياء وتستبان ، أو أريد بالإبصار الإضاءة لأنها سببه. وقيل : المضاف محذوف والتقدير وجعلنا نيرى الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل التي هي القمر حيث لم يخلق له شعاع كشعاع الشمس فترى به الأشياء رؤية غير بينة ، وجعلنا الشمس ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شيء (لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) لتتوصلوا ببياض النهار أو بشعاع الشمس المستلزم للنهار إلى التصرف في وجوه معايشكم. (وَلِتَعْلَمُوا) باختلاف الجديدين أو بزيادة ضوء القمر ونقصانه (عَدَدَ السِّنِينَ) الشمسية أو القمرية المركبة من الشهور (وَ) لتعلموا جنس (الْحِسابَ) المبني على الساعات والأيام والشهور والسنين والأدوار. وقيل : أراد بمحو القمر الكلف الذي في وجهه. وسببه في الشرع ما روي أن الشمس والقمر كانا سواء في النور والضوء فأرسل الله تعالى جبريل فأمر جناحه على وجه القمر فأذهب عنه أثر الضياء. وسببه عند الفلاسفة أنه ارتكز في وجه