وأشرفها الإنسان. وقال القاضي : الأولى أن لا يدخل المكلف فيه لأن ما على الأرض ليس زينة لها بالحقيقة وإنما هو زينة لأهلها الغرض الابتلاء ، فالذي له الزينة يكون خارجا عن الزينة. ومضى أنه مجاز بالصورة والمراد أنه تعالى يعاملهم معاملة لو صدرت تلك المعاملة عن غيره لكان من قبيل الابتلاء والامتحان. وقد مر هذا البحث بتمامه في سورة البقرة في تفسير قوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) [البقرة : ١٢٤]. واللام في (لِنَبْلُوَهُمْ) للغرض عند المعتزلة ، أو العاقبة أو استتباع الغاية عند غير هم حذرا من لزوم الاستكمال. قال الزجاج (أَيُّهُمْ) رفع بالابتداء لأن لفظه لفظ الاستفهام والمعنى لنمتحن هذا (أَحْسَنُ عَمَلاً) أم ذلك. ثم زهد في الميل إلى زينة الأرض بقوله : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها) من هذه الزينة (صَعِيداً جُرُزاً) أي مثل أرض بيضاء لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء معشبة في إزالة بهجته وإمانة سكانه. قال أبو عبيد : الصعيد المستوي من الأرض التي لا نبات فيها من قولهم «امرأة جروز» إذا كانت أكولا ، «وسيف جراز» إذا كان مستأصلا وجرز الجراد والشاء والإبل الأرض إذا أكملت ما عليها. ثم إن القوم تعجبوا من قصة أصحاب الكهف وسألوا عنه الرسول صلىاللهعليهوسلم على سبيل الامتحان فقال سبحانه (أَمْ حَسِبْتَ) يعني بل أظننت يا إنسان أنهم كانوا عجبا من آياتنا فقط فلا تحسبن ذلك فإن آياتنا كلها عجب ، فإن من كان قادرا على تخليق السموات والأرض ثم تزيين الأرض بأنواع المعادن والنبات والحيوان ، ثم جعلها بعد ذلك صعيدا خاليا عن الكل كيف تستبعدون قدرته وحفظه ورحمته بالنسبة إلى طائفة مخصوصة. وقال جار الله : يعني أن ذلك التزيين وغيره أعظم من قصة أصحاب الكهف يعني أنه ذكر أولا عظيم قدرته ، ثم أضرب عن ذلك موبخا للإنسان. والحاصل أنك تعجب من هذا الأدنى فكيف بما فوقه ، والكهف الغار الواسع في الجبل ، والرقيم اسم كلبهم. وعن سعيد بن جبير ومجاهد أنه لوح من حجارة أو رصاص رقمت فيه أسماؤهم جعل على باب الكهف ، فعلى هذا يكون اللفظ عربيا «فعيلا» بمعنى «مفعول» ومثله ما روي أن الناس رقموا حديثهم نقرا في الجبل. وعن السدي أنه القرية التي خرجوا منها. وقيل : هو الوادي أو الجبل الذي فيه الكهف. والعجب مصدر وصف به أو المراد ذات عجب. وقوله : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) صاروا إليه وجعلوه مأواهم منصوب بإضمار «اذكر» بـ (حَسِبْتَ) لفساد المعنى ، ولا يبعد أن يتعلق بـ (عَجَباً) والتنوين في (رَحْمَةً) إما للتعظيم أو للنوع. وتقديم (مِنْ لَدُنْكَ) للاختصاص أي رحمة مخصوصة بأنها من خزائن رحمتك وهي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء (وَهَيِّئْ لَنا) أي أصلح لنا من قولك هيئات الأمر فتهيأ (مِنْ أَمْرِنا)