فاشتراه عزيز مصرها وهو الدليل المربي على جادة الطريقة ليوصله إلى عالم الحقيقة. فـ (قالَ لِامْرَأَتِهِ) وهي الدنيا (أَكْرِمِي مَثْواهُ) اخدميه بقدر الحاجة الضرورية (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) حتى يكون صاحب الشريعة فيتصرف في الدنيا باكسير النبوة فتصير الشريعة حقيقة والدنيا آخرة (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) نربيه بلبان ثدي الشريعة والطريقة إلى أن يرى الفطام عن الدنيا الدنية (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا) يشير إلى أن تمكين يوسف القلب في أرض البشرية إنما هو لتعلم العلم اللدني ، لأن الثمرة إنما تظهر على الشجرة إذا كان أصل الشجرة راسخا في الأرض (وَاللهُ غالِبٌ عَلى) أمر القلب في توجيهه إلى محبة الله وطلبه ، أو على أمر القالب بجذبات العناية وإقامته على الصراط المستقيم فتكون تصرفاته بالله ولله وفي الله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أنهم خلقوا مستعدّين لهذا الكمال (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي كما أفضنا على القلب ما هو مستحقه من الحكمة والعلم كذلك نجزي الأعضاء الرئيسية والجوارح إذا أحسنوا الأعمال والأخلاق على قاعدة الشريعة والطريقة خير الجزاء ، وهو التبليغ إلى مقام الحقيقة. (وَراوَدَتْهُ) فيه إشارة إلى أن يوسف القلب وإن استغرق في بحر صفات الألوهية لا ينقطع عنه تصرفات زليخا الدنيا ما دام هو في بيتها أي في الجسد الدنياوي (وَغَلَّقَتِ) أبواب أركان الشريعة (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) أقبل إلي وأعرض عن الحق (قالَ) أي القلب الفاني عن نفسه الباقي ببقاء ربه (مَعاذَ اللهِ) عما سواه. (أَحْسَنَ مَثْوايَ) في عالم الحقيقة (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الذين يقبلون على الدنيا ويعرضون عن المولى (وَهَمَّ بِها) فوق الحاجة الضرورية (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) وهو نور خصلة القناعة التي هي من نتائج نظر العناية (لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ) الحرص على الدنيا (وَالْفَحْشاءَ) بصرف حب الدنيا فيه (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) الذين خلصوا من سجن الوجود المجازي ووصلوا إلى الوجود الحقيقي. (وَاسْتَبَقَا) باب الموت الاختياري (وَقَدَّتْ) قميص بشريته (مِنْ دُبُرٍ) بيد شهواتها قبل خروجه من الباب (وَأَلْفَيا سَيِّدَها) وهو صاحب ولاية تربية يوسف القلب وزوج زليخا الدنيا لأنه يتصرف في الدنيا كما ينبغي تصرف الرجل في المرأة (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) هو حاكم العقل الغريزي دون العقل المجرد الذي هو ليس من الدنيا وأهلها في شيء ، فبين حاكم العقل أن يد تصرف زليخا الدنيا لا تصل إلى يوسف القلب إلا بواسطة قميص بشريته (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) وهو قطع طريق الوصول إلى الله لعظيم على القلب السليم. (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) فإن ذكر الدنيا يورث محبتها وحب الدنيا رأس كل خطيئة. (وَقالَ نِسْوَةٌ) هي الصفات البشرية من البهيمية والسبعية والشيطانية في مدينة الجسد (تُراوِدُ فَتاها) لأن الرب إذا تجلى للعبد خضع له كل شيء «يا دنيا اخدمي من خدمني» (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) أطعمة مناسبة لكل