ونكلت عن اللعان لزمها حد الزنا. وقال أبو حنيفة : إذا نكل الزوج يحبس حتى يلاعن وكذا المرأة. حجة الشافعي إذا لم يأت بالمخلص وهو الملاعنة وجب الرجوع إلى مقتضى آية القذف وهو الحد. وأيضا قوله (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ) ليست اللام فيه للجنس لأنه لا يجب عليها جميع أنواع العذاب ، ولأن الآية تصير إذ ذاك مجملة فهو للعهد ولا معهود في الآية إلا حد القذف ، ولقوله صلىاللهعليهوسلم لخولة الرجم أهون عليك من غضب الله. وللمرأة أن تقول : إن كان الرجل صادقا فحدّوني وإن كان كاذبا فخلوني فما بالي والحبس وليس حبسي في كتاب الله ولا سنة رسوله. حجة أبي حنيفة أن النكول ليس بصريح في الإقرار فلا يجوز إثبات الحد به كاللفظ المحتمل للزنا وغيره.
الثانية : الجمهور على أنه إذا قال «يا زانية» وجب اللعان لعموم قوله (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ) وقال مالك : لا يلاعن إلا أن يقول : رأيتك تزني وينفي حملا بها أو ولدا منها.
الثالثة : قال الشافعي : من صح رميه صح لعانه فلا يشترط إلا التكليف ، ويجري اللعان بين الذميين والمحدودين والرقيقين. وذهب أبو حنيفة إلى أن الزوج ينبغي أن يكون مسلما حرا عاقلا بالغا غير محدود في القذف ، والمرأة ينبغي أن تكون بهذه الصفة مع العفة. فإذا كان الزوج عبدا أو محدودا في قذف والمرأة محصنة حدّ كما في قذف الأجنبيات. دليل الشافعي عموم قوله (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) والإجماع. على أنه يصح لعان الفاسق والأعمى وإن لم يكونا من أهل الشهادة ، فكذا القول في غيرهما ، والجامع هو الحاجة إلى دفع العار. دليل أبي حنيفة حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي : من النساء من ليس بينهن وبين أزواجهن ملاعنة اليهودية والنصرانية تحت المسلم والحرّة تحت المملوك والمملوكة تحت الحر. وأيضا اللعان بين الزوجات قائم مقام الحد في الأجنبيات فلا يجب اللعان على من لا يجب عليه الحد لو قذفها أجنبي. وأيضا اللعان شهادة لقوله تعالى (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ) وقد جاء مثله في أحاديث اللعان. وإذا كان شهادة وجب أن لا يقبل من المحدود في القذف ولا من العبد والكافر. أجاب الشافعي بأن اللعان يمين مؤكدة بلفظ الشهادة أو يمين فيها شائبة الشهادات فلا يشترط في الملاعن إلا أهلية لليمين ، ومما يدل على أنه يمين قوله صلىاللهعليهوسلم لهلال بن أمية : احلف بالله الذي لا إله إلا هو إنك صادق. وقوله : لو لا الإيمان لكان لي ولها شأن. وأيضا لو كان شهادة لكان حظ المرأة ثمان شهادات لأنها على النصف من الرجل ، ولم يجز لعان الفاسق والأعمى لأنهما ليسا من أهل الشهادة. لا يقال : الفاسق والفاسقة قد يتوبان لأنا نقول : العبد أيضا قد يعتق ، بل العبد إذا عتق تقبل شهادته في الحال ، والفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته إلا بعد الاختبار. ثم ألزم