الطرف الشرقي من الربع المسكون ولا على الطرف الغربي منه ، وعن الحسن أراد شجرة الزيتون في الجنة إذ لو كانت من شجر الدنيا لكانت إما شرقية أو غربية. وضعف بأن المثل إنما يضرب بما يشاهد وإنهم ما شاهدوا شجرة الجنة ، وقيل : أراد أنها شجرة ملفوفة بالأشجار أو بأوراقها فلا تصيبها الشمس في مشرق ولا مغرب. وزيف بأن الغرض هو صفاء الزيت ولا يحصل إلا بكمال النضج وذلك يتوقف عادة على وصول أثر الشمس إلى الشجرة ، وعن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وهو اختيار الفراء والزجاج : المراد أنها ليست مما تطلع عليه الشمس في وقت شروقها أو غروبها فقط ، بل تصيبها بالغداة والعشي جميعا لأنها في موضع مكشوف ، فيكون فيه دليل على كمال النضج الموجب لصفاء الزيت. ومنهم من قال : لا في مضحى ولا في مقنأة وهي المكان الذي لا تطلع عليه الشمس ولكن الظل والشمس يتعاقبان عليها وذلك أجود لكمال الثمرة ، قال صلىاللهعليهوسلم «لا خير في شجرة في مقنأة ولا نبات في مقنأة ولا خير في مضحى.» ثم وصف الزيت بالصفاء والبريق وأنه لتلألئه يكاد يضيء من غير نار ، فإذا مسته النار ازداد ضوءا على ضوء.
فهذا ما يتعلق بحل الألفاظ على ظاهر التفسير ، أما ما يتعلق بالمعنى فنقول : إن جمهور المتكلمين ذهبوا إلى أنه تعالى شبه الهداية وهي الآيات البينات في الظهور والجلاء ، بالمشكاة التي تكون فيها زجاجة صافية ، وفي الزجاجة مصباح يتقد بزيت بلغ النهاية في الصفاء. وإنما اختار هذا التشبيه دون أن يقول إنها كالشمس في الظهور والوضوح لأن الغالب على أوهام الخلق وخيالاتهم إنما هو الشبهات التي هي كالظلمات وهداية الله تعالى فيما بينها كالضوء الكامل ، وهذا المقصود لا يحصل من ضرب المثل بالشمس لأنها إذا طلعت لم تبق ظلمة أصلا. والأمور التي اعتبرها الله سبحانه في هذا المثال منها كون المصباح في المشكاة وذلك ليكون أجمع للنور وأعون لتكاثف الأشعة وأصون له عن تعرض الرياح. زعم بعضهم أن في الكلام قلبا والمراد كمصباح في مشكاة والصحيح أنه لا حاجة إليه لأن هذا تشبيه مركب ، ولهذا قال جار الله : أراد صفة نوره العجيبة الشأن في الإضاءة كصفة مشكاة ، ومنها كون المصباح في زجاجة صافية ، فإن تعاكس الأنوار من جوانب الزجاجة يزيد المصباح نورا. ومنها كون المصباح متقدا بدهن الزيت فليس في الأدهان ما يدانيه في اللمعان والتطويس. ومنها كون الزيت من شجرة بارزة للشمس فإن ذلك يدل على كمال نضج الثمرة ونهاية صفاء ذهنها. وأما الإمام الغزالي رضياللهعنه فإنه يقول : المشكاة والزجاجة والمصباح والشجرة والزيت عبارة عن المراتب الخمس الإنسانية. فأولها القوة الحساسة التي هي أصل الروح الحيواني وتوجد للصبي بل لكل حيوان ، وأوفق مثال لها من