تصير ملكا عضوضا» (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) معطوف على (أَطِيعُوا) وليس ببدع أن يقع بين المعطوفين فاصلة وإن طالت ، وكررت طاعة الرسول للتأكيد.
من قرأ لا يحسبن على الغيبة فمفعولاه (مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي لا يحسبن الكفرة أحدا يعجز الله في الأرض حتى يطيعوهم في مثل ذلك ، وفاعله ضمير النبي ، أو المفعول الأول محذوف لأنه هو الفاعل بعينه أي لا يحسبن الكفار أنفسهم معجزين والمراد بهم الذين أقسموا أو عام قوله (وَمَأْواهُمُ) قال جار الله : هو معطوف على ما تقدم معنى كأنه قيل : الذين كفروا لا يفوتون الله عزوجل ومأواهم النار. وحين ذكر من دلائل التوحيد وأحوال المكلفين ما ذكر تنشيطا للأذهان وترغيبا فيما هو الغرض الأصلي من التكاليف وهو العرفان ، عاد إلى ما انجر منه الكلام وهو الحكم العام في باب الاستئذان فذكره هاهنا على وجه أخصر فقال (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ) قال القاضي : هذا الخطاب للرجال ظاهرا ولكنه من باب التغليب فيدخل فيه النساء. وقال الإمام فخر الدين الرازي : يثبت للنساء بقياس جلي لأنهن في باب حفظ العورة أشد حالا من الرجال. وظاهر قوله (الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يشمل البالغين والصغار ، فالأمر للبالغين على الحقيقة وللصغار على وجه البيان والتأديب كما يؤمرون بالصلاة لسبع ، أو هو تكليف لنا لما فيه من المصلحة لنا ولهم بعد البلوغ كقولك للرجل «ليخفك أهلك وولدك» فظاهره الأمر لهم وحقيقة الأمر له بفعل ما يخافون عنده. وعن ابن عباس أن المراد الصغار وليس للكبار أن ينظروا إلى مالكيهم إلا إلى ما يجوز للحر أن ينظر إليه. ثم إنه هل يشمل الإماء؟ فعن ابن عمر ومجاهد لا ، وعن غيرهما نعم ، لأن الإنسان كما يكره إطلاع الذكور على أحواله فقد يكره أيضا إطلاع الإناث عليها. عن ابن عباس : آية لا يؤمن بها أكثر الناس آية الإذن وإني لآمر جارتي أن تستأذن عليّ أراد امرأته ، وكان ابن عباس ينام بين جاريتين. ومن العلماء من قال : هذا الأمر للاستحباب. ومنهم من قال للوجوب. ومن هؤلاء من قال : إنه ناسخ لقوله (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) لأن ذلك يدل على أن الاستئذان واجب في كل حال ، وهذا يدل على وجوبه في الأوقات الثلاثة فقط ، ومنع لزوم النسخ بأن الأولى في المكلفين وهذه في غير المكلفين قالوا : الذين ملكت أيمانكم يشمل البالغين. قلنا : لو سلم فلا نسخ أيضا لأن قوله (غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) لا يشمل العبيد لأن الإضافة توجب الاختصاص والملكية ، والعبد لا يملك شيئا فلا يملك البيت أمر المماليك والأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار وهذا معنى قوله (مِنْكُمْ) أن يستأذنوا ثلاث مرات في اليوم والليلة. إحداها قبل صلاة الفجر لأنه وقت القيام من المضاجع ووقت استبدال ثياب اليقظة بثياب النوم ، وثانيتها عند الظهيرة وهو نصف النهار عند اشتداد