منه (نَعْبُدُ أَصْناماً) وهو ما سوى الله (فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) إلا أن أدركتنا العناية فنعرض عنها : (بَلْ وَجَدْنا آباءَنا) وهم الأرواح والآباء العلوية كذلك يتعلق بعضهم ببعض (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) إن تعلقت فصرت محجوبا بهم عن الله (خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) إلى حضرته و (يُطْعِمُنِي) من طعام العبودية الذي يعيش القلوب ، ويسقيني من شراب طهور التجلي (وَإِذا مَرِضْتُ) بتعلقات الكونين (فَهُوَ يَشْفِينِ) بالجذبة الإلهية (وَالَّذِي يُمِيتُنِي) عن أوصاف البشرية (ثُمَّ يُحْيِينِ) بأوصاف الروحانية ويميتني عن أوصاف الروحانية ثم يحيين بالأوصاف الربانية ثم يميتني عن أنانيتي ثم يحيين بهويته (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ) يستر ظلمة خطيئة وجودي بطلوع شمس نهار الدين (رَبِّ هَبْ لِي) من ربوبيتك (حُكْماً) على بذل وجودي في هويتك (وَأَلْحِقْنِي) بالذين صلحوا لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة. (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) من النفس وصفاتها ليعرضوا عما سوى الله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) الروح (إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) حين رد من العالم العلوي إلى السفلي من قولهم «ضل الماء في اللبن» (وَلا تُخْزِنِي) بتعلقات الكونين (قالَ) نوح القلب (وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) يعني أراذل الجسد والأعضاء لأنهم عملة عالم الشهادة وأنا من عملة عالم الغيب (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي) فيما يعملون من الأعمال الحيوانية لحاجة ضرورية يعفو عنها والشهوة حيوانية يؤاخذهم بها (لَوْ تَشْعُرُونَ) الفرق بينهما (قالُوا) أي النفس وصفاتها (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ) القلب عما تدعونا إليه على خلاف إرادتنا (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) بأحجار الوساوس والهواجس (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أي في فلك الشريعة المملوء بالأوامر والنواهي والحكم والمواعظ والأسرار والحقائق (ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ) بطوفان استيلاء الأخلاق الذميمة وآفات الدنيا الدنية ، وباقي القصص إشارات إلى رسول القلب المسلم من الله وقومه النفس وصفاتها وإليه المرجع والمآب لما قررناه.
(كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٣١) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ